responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 6  صفحه : 231
حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ مِنْ زَوْجَتِهِ وَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ أَوْ صَبِيَّةٌ أَوْ كِتَابِيَّةٌ فَهُوَ مُظَاهِرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] وَلِأَنَّ الْعَبْدَ كَالْحُرِّ فِي كَوْنِهِ أَهْلًا لِمُوجَبِ الظِّهَارِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ الْمُؤَقَّتَةُ بِالْكَفَّارَةِ وَالْأَمَةُ وَالصَّبِيَّةُ وَالْكِتَابِيَّةُ كَالْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فِي كَوْنِهَا مُحَلَّلَةً بِأَبْلَغِ جِهَاتِهِ.

(قَالَ) وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ ذِمِّيًّا فَظِهَارُهُ بَاطِلٌ عِنْدَنَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ظِهَارُ الذِّمِّيِّ صَحِيحٌ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ مِنْ أَهْلِ الطَّلَاقِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْحُرْمَةَ بِالظِّهَارِ فِي مَعْنَى الْحُرْمَةِ بِالطَّلَاقِ فَكُلُّ مَنْ صَحَّ طَلَاقُهُ صَحَّ ظِهَارُهُ وَكَذَلِكَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْإِعْتَاقِ وَالْإِطْعَامِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ بِالصَّوْمِ وَبِهَذَا لَا يَمْتَنِعُ صِحَّةُ الظِّهَارِ كَالْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ وَكَانَ ظِهَارُهُ صَحِيحًا وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ مُسْتَقِيمٌ فَإِنَّ مَعْنَى الْعُقُوبَةِ عِنْدَهُ يَتَرَجَّحُ فِي الْكَفَّارَةِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْحَدِّ وَفِي الْحَدِّ مَعْنَى الْكَفَّارَةِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا» ثُمَّ يُقَامُ عَلَى الذِّمِّيِّ بِطَرِيقِ الْعُقُوبَةِ وَلَئِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ فَهُوَ أَهْلٌ لِلْحُرْمَةِ فَيُعْتَبَرُ ظِهَارُهُ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ كَمَا اعْتَبَرَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إيلَاءَ الذِّمِّيِّ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي حَقِّ الْكَفَّارَةِ وَكَلَامُنَا فِي الْمَجُوسِيِّ يَتَّضِحُ فَإِنَّهُ يَعْتَقِدُ الْحِلَّ فِي أُمِّهِ وَأُخْتِهِ فَإِنَّمَا شَبَّهَ امْرَأَتَهُ بِمَنْ يَعْتَقِدُ الْحِلَّ فِيهَا بِالنِّكَاحِ فَلَا يَكُونُ مُظَاهِرًا كَالْمُسْلِمِ إذَا شَبَّهَ امْرَأَتَهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ.
(وَلَنَا) أَنَّ الذِّمِّيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُهُ كَالصَّبِيِّ وَبَيَانُ الْوَصْفِ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْكَفَّارَةِ التَّكْفِيرُ وَالتَّطْهِيرُ وَالْكَافِرُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهُ وَمَا فِيهِ مِنْ الشِّرْكِ أَعْظَمُ مِنْ الظِّهَارِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ فَالْمَقْصُودُ هُنَاكَ الْخِزْيُ وَالنَّكَالُ وَإِنَّمَا الْكَفَّارَةُ فِي حَقِّ مَنْ جَاءَ تَائِبًا مُسْتَسْلِمًا لِحُكْمِ الشَّرْعِ كَمَا فَعَلَهُ مَاعِزٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ مَعْنَى الْعِبَادَةِ يَتَرَجَّحُ فِي الْكَفَّارَةِ حَتَّى تَتَأَدَّى بِالصَّوْمِ الَّذِي هُوَ مَحْضُ عِبَادَةٍ وَلَا يَتَأَدَّى إلَّا بِنِيَّةِ الْعِبَادَةِ وَيُفْتَى بِهِ وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ كُرْهًا وَالْكَافِرُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْعِبَادَةِ وَتَأْثِيرُ هَذَا الْوَصْفِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ أَنَّ مُوجَبَ الظِّهَارِ الْحُرْمَةُ الْمُؤَقَّتَةُ بِالْكَفَّارَةِ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ تِلْكَ الْحُرْمَةِ هُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْكَفَّارَةِ فَلَوْ صَحَّ ظِهَارُهُ لَثَبَتَتْ بِهِ حُرْمَةٌ مُطْلَقَةٌ وَهَذَا لَيْسَ بِمُوجَبِ الظِّهَارِ وَبِهِ فَارَقَ حُرْمَةَ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ حُرْمَةٌ بِزَوَالِ الْمِلْكِ أَوْ بِانْعِدَامِ مَحَلِّ الْحِلِّ وَالْكَافِرُ مِنْ أَهْلِهِ وَبِهِ فَارَقَ الْعَبْدَ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ إلَّا أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ عَتَقَ وَأَصَابَ مَالًا كَانَتْ كَفَّارَتُهُ بِالْمَالِ وَبِهِ فَارَقَ الْإِيلَاءَ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالذِّمِّيُّ مِنْ أَهْلِ الطَّلَاقِ وَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ الثَّابِتَةَ بِالْيَمِينِ تَكُونُ مُطْلَقَةً لَا مُؤَقَّتَةً بِالْكَفَّارَةِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ قَبْلَ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 6  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست