responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 6  صفحه : 176
الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلَ مِلْكَ النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ يَعْتَاضُ عَنْ مِلْكٍ قَائِمٍ لَهُ فَيَصِحُّ كَمَا قَبْلَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ.

(قَالَ): وَخُلْعُ السَّكْرَانِ وَطَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ وَاقِعٌ عِنْدَنَا، وَفِي أَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَقَعُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ وَالطَّحَاوِيِّ، وَقَدْ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّكْرَانِ قَصْدٌ صَحِيحٌ، وَالْإِيقَاعُ يَعْتَمِدُ الْقَصْدَ الصَّحِيحَ؛ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ سَكِرَ مِنْ شُرْبِ الْبَنْجِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ، فَكَذَلِكَ إذَا سَكِرَ مِنْ النَّبِيذِ؛ وَلِأَنَّ غَفْلَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَوْقَ غَفْلَةِ النَّائِمِ، فَإِنَّ النَّائِمَ يَنْتَبِهُ إذَا نُبِّهَ وَالسَّكْرَانُ لَا يَنْتَبِهُ، ثُمَّ طَلَاقُ النَّائِمِ لَا يَقَعُ، فَطَلَاقُ السَّكْرَانِ، أَوْلَى، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ غَفْلَتُهُ هُنَا بِسَبَبِ الْمَعْصِيَةِ، وَذَلِكَ سَبَبُ لِلتَّشْدِيدِ عَلَيْهِ لَا لِلتَّخْفِيفِ، فَإِنَّ السَّكْرَانَ لَوْ ارْتَدَّ تَصِحُّ رِدَّتُهُ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، وَلَوْ اُعْتُبِرَ هَذَا الْمَعْنَى؛ لَحُكِمَ بِصِحَّةِ رِدَّتِهِ، وَحُجَّتُنَا مَا رَوَيْنَا كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٍ إلَّا طَلَاقَ الصَّبِيِّ، وَالْمَعْتُوهِ؛ وَلِأَنَّ السَّكْرَانَ مُخَاطَبٌ، فَإِذَا صَادَفَ تَصَرُّفُهُ مَحَلَّهُ نَفَذَ كَالصَّاحِي، وَدَلِيلُ الْوَصْفِ قَوْله تَعَالَى {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]، فَإِنْ كَانَ خِطَابًا بِهِ فِي حَالِ سُكْرِهِ فَهُوَ نَصٌّ، وَإِنْ كَانَ خِطَابًا لَهُ قَبْلَ سُكْرِهِ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُخَاطَبٌ فِي حَالِ سُكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: إذَا جُنِنْت فَلَا تَفْعَلْ كَذَا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ إنَّمَا يُتَوَجَّهُ بِاعْتِدَالِ الْحَالِ، وَلَكِنَّهُ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُوقَفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَيُقَامُ السَّبَبُ الظَّاهِرُ الدَّالُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْبُلُوغُ عَنْ عَقْلِ مَقَامِهِ؛ تَيْسِيرًا، وَبِالسُّكْرِ لَا يَنْعَدِمُ هَذَا الْمَعْنَى، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ قُلْنَا غَفْلَتُهُ عَنْ نَفْسِهِ لَمَّا كَانَتْ بِسَبَبٍ هُوَ مَعْصِيَةٌ، وَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّخْفِيفَ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عُذْرًا فِي الْمَنْعِ مِنْ نُفُوذِ شَيْءٍ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ بَعْدَ مَا تَقَرَّرَ سَبَبُهُ؛ لِأَنَّ بِالسُّكْرِ لَا يَزُولُ عَقْلُهُ إنَّمَا يَعْجِزُ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ؛ لِغَلَبَةِ السُّرُورِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَنْجِ، فَإِنَّ غَفْلَتَهُ لَيْسَتْ بِسَبَبٍ هُوَ مَعْصِيَةٌ، وَمَا يَعْتَرِيهِ نَوْعُ مَرَضٍ لَا أَنْ يَكُونَ سُكْرًا حَقِيقَةً، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْإِغْمَاءِ، وَبِخِلَافِ النَّائِمِ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْعَمَلِ؛ فَلِانْعِدَامِ الْإِيقَاعِ نَقُولُ: إنَّهُ لَا يَقَعُ، وَالسُّكْرُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْعَمَلِ مَعَ أَنَّ الْغَفْلَةَ بِسَبَبِ النَّوْمِ لَمْ تَكُنْ عَنْ مَعْصِيَةٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ الرِّدَّةِ، فَإِنَّ الرُّكْنَ فِيهَا الِاعْتِقَادُ، وَالسَّكْرَانُ غَيْرُ مُعْتَقِدٍ لِمَا يَقُولُ، فَلَا يُحْكَمُ بِرِدَّتِهِ، لِانْعِدَامِ رُكْنِهَا لَا لِلتَّخْفِيفِ عَلَيْهِ بَعْدَ تَقَرُّرِ السَّبَبِ.

(قَالَ): وَخُلْعُ الْمُكْرَهِ وَطَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ جَائِزٌ عِنْدَنَا، وَهُوَ بَاطِلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَتَأْثِيرُ الْإِكْرَاهِ عِنْدَهُ فِي إلْغَاءِ عِبَارَةِ الْمُكْرَهِ كَتَأْثِيرِ الصَّبِيِّ، وَالْجُنُونِ.
وَعِنْدَنَا تَأْثِيرُ الْإِكْرَاهِ فِي انْعِدَامِ الرِّضَا لَا فِي إهْدَارِ الْقَوْلِ حَتَّى تَنْعَقِدَ تَصَرُّفَاتُ الْمُكْرَهِ، وَلَكِنْ مَا يَعْتَمِدُ لُزُومُهُ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 6  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست