responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 6  صفحه : 144
بِمَا كَتَبَ، فَإِنْ نَدِمَ عَلَى ذَلِكَ فَمَحَى ذِكْرَ الطَّلَاقِ مِنْ كِتَابِهِ، وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ، وَبَعَثَ بِالْكِتَابِ إلَيْهَا فَهِيَ طَالِقٌ إذَا وَصَلَ إلَيْهَا الْكِتَابُ؛ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَمَحْوُهُ كَرُجُوعِهِ عَنْ التَّعْلِيقِ، فَإِنْ مَحَى الْخُطُوطَ كُلَّهَا، وَبَعَثَ بِالْبَيَاضِ إلَيْهَا لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ فَإِنَّ مَا وَصَلَ إلَيْهَا لَيْسَ بِكِتَابٍ، وَلَوْ جَحَدَ الزَّوْجُ الْكِتَابَ، وَأَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَتَبَهُ بِيَدِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْأَخْرَسُ لَا يَكْتُبُ، وَكَانَتْ لَهُ إشَارَةٌ تُعْرَفُ فِي طَلَاقِهِ وَنِكَاحِهِ وَشِرَائِهِ وَبَيْعِهِ فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِإِشَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ بِإِشَارَتِهِ حُرُوفٌ مَنْظُومَةٌ؛ فَبَقِيَ مُجَرَّدُ قَصْدِهِ الْإِيقَاعَ، وَبِهَذَا لَا يَقَعُ شَيْءٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّحِيحَ لَوْ أَشَارَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ بِإِشَارَتِهِ وَلَكِنَّهُ اُسْتُحْسِنَ، فَقَالَ: الْإِشَارَةُ مِنْ الْأَخْرَسِ كَالْعِبَارَةِ مِنْ النَّاطِقِ، أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الْعِبَادَاتِ جُعِلَ هَكَذَا حَتَّى إذَا حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِالتَّكْبِيرِ، وَالْقُرْآنِ جُعِلَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْقِرَاءَةِ مِنْ النَّاطِقِ، فَكَذَلِكَ فِي الْمُعَامَلَاتِ؛ وَهَذَا لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ النَّاطِقُ، فَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ إشَارَتَهُ كَعِبَارَةِ النَّاطِقِ أَدَّى إلَى أَنْ يَمُوتَ جُوعًا، وَهَذِهِ الضَّرُورَةُ لَا تَتَأَتَّى فِي حَقِّ النَّاطِقِ؛ وَلِهَذَا قُلْنَا: الْمَرِيضُ.
وَإِنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ بِإِشَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْيَأْسُ عَنْ نُطْقِهِ، وَإِقَامَةُ الْإِشَارَةِ مَقَامَ الْعِبَارَةِ عِنْدَ وُقُوعِ الْيَأْسِ عَنْ النُّطْقِ؛ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إشَارَةٌ مَعْرُوفَةٌ يُعْرَفُ ذَلِكَ مِنْهُ، أَوْ يُشَكُّ فِيهِ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى مُرَادِهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْإِشَارَةِ؛ فَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا

وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ حُكْمَ الطَّلَاقِ بِالْفَارِسِيَّةِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْفَارِسِيَّ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: هسته، أَوْ قَالَ: از زَنَى هسته، يَنْوِي فِي ذَلِكَ، فَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ قَالَ: هِسَته، يَنْوِي فِيهِ، وَلَوْ قَالَ: ازْ زِنِي هِسَته فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ثَلَاثًا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قَوْلِهِ: بهستمت، أَوْ ازْ زني بهستمت، أَنَّهُ طَلَاقٌ، وَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا هَذَا اللَّفْظَ تَفْسِيرًا لِلتَّخْلِيَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكُونُ الْوَاقِعُ بِهِ بَائِنًا، وَلَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَا: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي مَعْنَى التَّخْلِيَةِ؛ فَيَكُونُ الْوَاقِعُ بِهِ بَائِنًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَعْنَى لَفْظٍ آخَرَ، فَلَا تَثْبُتُ الْبَيْنُونَةُ بِالشَّكِّ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: نَحْنُ أَعْرَفُ بِلُغَتِنَا مِنْهُمْ، وَالْوَاقِعُ بِهَذَا اللَّفْظِ عِنْدَنَا تَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ سَوَاءٌ نَوَى الطَّلَاقَ، أَوْ لَمْ يَنْوِ، أَوْ نَوَى الثَّلَاثَ أَوْ لَمْ يَنْوِ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 6  صفحه : 144
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست