responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 6  صفحه : 114
يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْوَقْتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16]، وَمَنْ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، يَلْحَقْهُ هَذَا الْوَعِيدُ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ: أَنْتَظِرُ يَوْمَ فُلَانٍ أَيْ وَقْتَ إقْبَالِهِ، أَوْ إدْبَارِهِ.
فَإِذَا قُرِنَ بِمَا لَا يَخْتَصُّ بِأَحَدِ الْوَقْتَيْنِ وَلَا يَكُونُ مُمْتَدًّا، كَانَ بِمَعْنَى الْوَقْتِ كَالطَّلَاقِ، وَإِذَا قُرِنَ بِمَا يَخْتَصُّ بِأَحَدِ الْوَقْتَيْنِ كَالصَّوْمِ، كَانَ بِمَعْنَى بَيَاضِ النَّهَارِ، وَكَذَلِكَ إذَا قُرِنَ بِمَا يَكُونُ مُمْتَدًّا كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ يَوْمَ يَقْدُمُ فُلَانٍ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِذَا قَالَ فِي الطَّلَاقِ: نَوَيْت النَّهَارَ دُونَ اللَّيْلِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ، وَهِيَ حَقِيقَةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ فَيَجِبُ تَصْدِيقُهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ: لَيْلَةَ أَدْخُلُهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَ نَهَارًا، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ اسْمٌ خَاصٌّ لِسَوَادِ اللَّيْلِ وَهُوَ ضِدُّ النَّهَارِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَنْوِيَ بِالشَّيْءِ ضِدَّهُ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ إلَى قَرِيبٍ، فَإِنْ نَوَى فِيهِ شَيْئًا، فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى مِنْ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا قَرِيبٌ، فَالْمَنْوِيُّ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ لَفْظِهِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَفِي الْحِينِ وَالزَّمَانِ هِيَ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَفِي الْقَرِيبِ إلَى مُضِيِّ مَا دُونَ الشَّهْرِ حَتَّى إذَا مَضَى مِنْ وَقْتِ يَمِينِهِ شَهْرٌ إلَّا يَوْمًا طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الْقَرِيبَ عَاجِلٌ وَالشَّهْرُ فَمَا فَوْقُهُ آجِلٌ، وَمَا دُونَ الشَّهْرِ عَاجِلٌ حَتَّى إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّهُ عَاجِلًا فَقَضَاهُ فِيمَا دُونَ الشَّهْرِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، وَالْعَاجِلُ مَا يَكُونُ قَرِيبًا وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَى شَهْرٍ.
فَإِنْ نَوَى وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا فِي الْحَالِ، طَلُقَتْ وَلُغِيَ قَوْلُهُ إلَى شَهْرٍ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ مِنْ الطَّلَاقِ لَا يَحْتَمِلُ الْأَجَلَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ، لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ عِنْدَنَا، وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَى شَهْرٍ؛ لِبَيَانِ الْأَجَلِ، وَالْأَجَلُ فِي الشَّيْءِ لَا يَنْفِي ثُبُوتَ أَصْلِهِ بَلْ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ أَصْلِهِ كَالْأَجَلِ فِي الدَّيْنِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ وُجُوبِ الدَّيْنِ، فَكَذَلِكَ ذِكْرُ الْأَجَلِ هُنَا فِيمَا أَوْقَعَهُ لَا يَنْفِي الْوُقُوعَ فِي الْحَالِ، وَلَكِنْ يَلْغُو الْأَجَلُ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ مِنْ الطَّلَاقِ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَأَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُونَ: الْوَاقِعُ لَا يَحْتَمِلُ الْأَجَلَ، وَلَكِنَّ الْإِيقَاعَ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ فِي التَّأْخِيرِ، وَالْإِيقَاعُ يَحْتَمِلُ التَّأْخِيرَ.
وَلَوْ جَعَلْنَا حَرْفَ " إلَى " دَاخِلًا عَلَى أَصْلِ الْإِيقَاعِ كَانَ عَامِلًا فِي تَأْخِيرِ الْوُقُوعِ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ دَاخِلًا عَلَى الْحُكْمِ، كَانَ لَغْوًا، وَكَلَامُ الْعَاقِلِ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّحَّةِ مَهْمَا أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ لَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهُ فَجَعَلْنَاهُ دَاخِلًا عَلَى أَصْلِ الْإِيقَاعِ، وَقُلْنَا بِتَأْخِيرِ الْوُقُوعِ إلَى مَا بَعْدَ الشَّهْرِ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا، تَطْلُقُ كَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ الْغَدِ لِوُجُودِ الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 6  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست