responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 5  صفحه : 99
فَاخْتَارِي، وَكَانَ زَوْجُهَا مُغِيثٌ يَمْشِي خَلْفَهَا وَيَبْكِي، وَهِيَ تَأْبَاهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ شِدَّةِ حُبِّهِ لَهَا، وَبُغْضِهَا لَهُ ثُمَّ قَالَ لَهَا: اتَّقِي اللَّهَ فَإِنَّهُ زَوْجُك وَأَبُ وَلَدِك فَقَالَتْ: أَتَأْمُرُنِي فَقَالَ: لَا إنَّمَا أَنَا شَافِعٌ فَقَالَتْ: إذًا لَا حَاجَةَ بِي إلَيْهِ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا».
وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ مِلْكَ الزَّوْجِ يَزْدَادُ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ فَإِنَّ قَبْلَ الْعِتْقِ كَانَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَتَيْنِ، وَيَمْلِكُ مُرَاجَعَتَهَا فِي قُرْأَيْنِ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ يَزْدَادُ بِالْعِتْقِ، وَهِيَ لَا تَتَوَصَّلُ إلَى رَفْعِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ إلَّا بِرَفْعِ أَصْلِ الْعَقْدِ فَأَثْبَتَ الشَّرْعُ لَهَا الْخِيَارَ لِهَذَا، وَلِهَذَا لَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا كَانَ فَسْخًا لَا طَلَاقًا بِمَنْزِلَةِ الْخِيَارِ الثَّابِتِ؛ لِرَفْعِ أَصْلِ الْعَقْدِ، وَفِي حَقِّ مَنْ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا؛ وَلِأَنَّ سَبَبَ هَذَا الْخِيَارِ مَعْنًى فِي جَانِبِهَا، وَهُوَ مِلْكُهَا أَمْرَ نَفْسِهَا، وَالْفُرْقَةُ مَتَى كَانَتْ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ لَا تَكُونُ طَلَاقًا، وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا عِنْدَنَا، وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا فَلَهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَالرُّوَاةُ اخْتَلَفُوا فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ حُرًّا فَأَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَوَّلُوا مَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا أَيْ: عِنْدَ أَصْلِ الْعَقْدِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ حُرًّا عِنْدَ عِتْقِهَا، وَلَمَّا تَعَارَضَتْ الرِّوَايَاتُ فِي صِفَةِ زَوْجِهَا يُجْعَلُ كَأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ فَيَبْقَى الِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَلَكْت بُضْعَك فَاخْتَارِي»، وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَدَلَّ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ «كَانَ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - زَوْجَانِ مَمْلُوكَانِ فَأَرَادَتْ عِتْقَهَا، وَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَأَمَرَهَا بِالْبُدَاءَةِ بِالْغُلَامِ» قَالَ: وَإِنَّمَا أَمَرَهَا بِذَلِكَ كَيْ لَا يَثْبُتَ لَهَا الْخِيَارُ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: أَمَرَهَا بِذَلِكَ؛ لِإِظْهَارِ فَضِيلَةِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ أَعْتَقَتْهُمَا مَعًا عِنْدَهُ لَا يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ أَيْضًا، وَمِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى يَقُولُ: بِمَا اعْتَرَضَ تَحَقُّقَ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا فَلَا مَعْنَى لِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ كَالْكِتَابِيَّةِ تَحْتَ مُسْلِمٍ إذَا أَسْلَمَتْ أَوْ الْمُعْسِرَةِ إذَا أَيْسَرَتْ، وَالزَّوْجُ مُوسِرٌ، وَالْمَنْفِيَّةِ إذَا أَثْبَتَتْ نَسَبَهَا، وَلِلزَّوْجِ نَسَبٌ ثَابِتٌ فَلَا خِيَارَ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا فَإِنَّ بِمَا اعْتَرَضَ هُنَاكَ مِنْ حُرِّيَّتِهَا يَظْهَرُ التَّفَاوُتُ، وَتَنْعَدِمُ الْكَفَاءَةُ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهَا لَيْسَ لِانْعِدَامِ الْكَفَاءَةِ، فَإِنَّ الْكَفَاءَةَ شَرْطٌ لِابْتِدَاءِ النِّكَاحِ لَا فِي الْبَقَاءِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ أَوْ انْتَفَى نَسَبُهُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ، وَلَكِنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لِزِيَادَةِ مِلْكِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا، وَفِي هَذَا لَا فَرْقَ عَنْدَنَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا.
وَهَذَا لِأَنَّ الْمِلْكَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِحَسَبِ الْحِلِّ، وَالْحِلُّ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 5  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست