responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 5  صفحه : 39
الذِّمَّةِ فَإِذَا تَرَافَعُوا أَوْ أَسْلَمُوا وَجَبَ الْحُكْمُ فِيهِمْ بِمَا هُوَ حُكْمُ الْإِسْلَامِ كَمَا فِي نِكَاحِ الْمَحَارِمِ.
فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ: الْعِدَّةُ لَا تَجِبُ مِنْ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا؛ لِحَقِّ الشَّرْعِ أَوْ؛ لِحَقِّ الزَّوْجِ، وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهَا؛ لِحَقِّ الشَّرْعِ هُنَا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُخَاطَبُونَ بِذَلِكَ، وَلَا لِحَقِّ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ الْعِدَّةُ وَاجِبَةٌ، وَلَكِنَّهَا ضَعِيفَةٌ لَا تَمْنَعُ النِّكَاحَ بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِمْ كَالِاسْتِبْرَاءِ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَكَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا، وَبَعْدَ الْمُرَافَعَةِ أَوْ الْإِسْلَامِ الْحَالُ حَالُ بَقَاءِ النِّكَاحِ، وَالْعِدَّةُ لَا تَمْنَعُ بَقَاءَ النِّكَاحِ كَالْمَنْكُوحَةِ إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْعِدَّةَ قَوِيَّةٌ وَاجِبَةٌ حَقًّا لِلزَّوْجِ

فَأَمَّا إذَا تَزَوَّجَ ذَاتَ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ مِنْ أُمٍّ أَوْ بِنْتٍ أَوْ أُخْتٍ فَإِنَّهُ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَهُ الْقَاضِي مَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَتَبَ إلَى عُمَّالِهِ أَنْ فَرِّقُوا بَيْنَ الْمَجُوسِ وَبَيْنَ مَحَارِمِهِمْ، وَامْنَعُوهُمْ مِنْ الرَّمْرَمَةِ إذَا أَكَلُوا، وَلَكِنَّا نَقُولُ: هَذَا غَيْرُ مَشْهُورٍ، وَإِنَّمَا الْمَشْهُورُ مَا كَتَبَ بِهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَا بَالُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ تَرَكُوا أَهْلَ الذِّمَّةِ، وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ نِكَاحِ الْمَحَارِمِ، وَاقْتِنَاءِ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ فَكَتَبَ إلَيْهِ إنَّمَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ؛ لِيُتْرَكُوا، وَمَا يَعْتَقِدُونَ، وَإِنَّمَا أَنْتَ مُتَّبِعٌ وَلَسْتَ بِمُبْتَدِعٍ، وَالسَّلَامُ.
وَلِأَنَّ الْوُلَاةَ وَالْقُضَاةَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَى يَوْمِنَا هَذَا لَمْ يَشْتَغِلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ يُبَاشِرُونَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لِهَذِهِ الْأَنْكِحَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ حُكْمُ الصِّحَّةِ، وَلِهَذَا قَالَ: يُقْضَى لَهَا بِنَفَقَةِ النِّكَاحِ إذَا طَلَبَتْ، وَلَا يَسْقُطُ إحْصَانُهُ إذَا دَخَلَ بِهَا حَتَّى إذَا أَسْلَمَ يُحَدُّ قَاذِفُهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ بَاطِلٌ فِي حَقِّهِمْ، وَلَكِنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ؛ لِمَكَانِ عَقْدِ الذِّمَّةِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْخِطَابَ بِحُرْمَةِ هَذِهِ الْأَنْكِحَةِ شَائِعٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ فَيَكُونُ الْخِطَابُ ثَابِتًا فِي حَقِّهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْمُبَلِّغِ التَّبْلِيغُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا فِي وُسْعِهِ جَعْلُ الْخِطَابِ شَائِعًا فَيُجْعَلُ شُيُوعُ الْخِطَابِ بِمَنْزِلَةِ الْبُلُوغِ إلَيْهِمْ، وَلَكِنْ لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ؛ لِمَكَانِ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَا يَتَوَارَثُونَ بِهَذِهِ الْأَنْكِحَةِ، وَلَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً فِي حَقِّهِمْ لَتَوَارَثُوا بِهَا، وَأَمَّا الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ فَقَدْ قِيلَ: الْحُرْمَةُ بِخِطَابٍ خَاصٍّ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: 90] إلَى قَوْله تَعَالَى {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91]، وَقِيلَ: لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْحُرْمَةِ سُقُوطُ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ، فَالْمَالُ قَدْ يَكُونُ حَرَامًا، وَقَدْ يَكُونُ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 5  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست