responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 5  صفحه : 193
بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الصِّغَرَ يَزُولُ فَلَا يَنْعَدِمُ بِهِ اسْتِحْقَاقُ الْجِمَاعِ بِسَبَبِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الرَّتْقِ وَالْقَرْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ جُنَّتْ، أَوْ أَصَابَهَا بَلَاءٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْجِمَاعِ أَوْ هَرِمَتْ حَتَّى لَا يَسْتَطِيعَ جِمَاعُهَا وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَوْ أَصَابَتْهَا هَذِهِ الْعَوَارِضُ مِنْ بَعْدِ مَا دَخَلَ بِهَا وَلَيْسَ مُرَادُهُ حَقِيقَةَ الْوَطْءِ بَلْ الْمُرَادُ انْتِقَالُهَا إلَى مَنْزِلِهِ وَسَوَاءٌ انْتَقَلَتْ أَوْ لَمْ تَنْتَقِلْ إذَا لَمْ تَكُنْ مَانِعَةً نَفْسَهَا ظَالِمَةً فَهِيَ مُسْتَوْجِبَةٌ لِلنَّفَقَةِ عَلَى مَا قُلْنَا.

(قَالَ:) وَلَا نَفَقَةَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ وَلَا فِي الْعِدَّةِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا بِهِ تَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ مَعْدُومٌ هُنَا وَهُوَ تَسْلِيمُهَا نَفْسَهَا إلَى الزَّوْجِ لِلْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ فَإِنَّ فَسَادَ النِّكَاحِ يَمْنَعُهَا مِنْ ذَلِكَ شَرْعًا؛ وَلِهَذَا لَمْ تُجْعَلْ الْخَلْوَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ تَسْلِيمًا فِي حَقِّ وُجُوبِ الْمَهْرِ فَكَذَا لَا تَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ فِي التَّسْلِيمِ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ.

(قَالَ:) وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ فَقَالَ الزَّوْجُ أَنَا فَقِيرٌ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ هُوَ غَنِيٌّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ الْفَقْرَ فِي النَّاسِ أَصْلٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ «يُولَدُ كُلُّ مَوْلُودٍ أَحْمَرَ لَيْسَ عَلَيْهِ غُبْرَةٌ أَيْ سُتْرَةٌ، ثُمَّ يَرْزُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ» فَالزَّوْجُ يَتَمَسَّكُ بِمَا هُوَ الْأَصْلُ وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِي غِنًى عَارِضًا فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ لِإِنْكَارِهِ، وَبِهِ أَجَابَ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ إذَا ادَّعَى الْمُعْتِقُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فَأَمَّا مَا أَشَارَ فِي سَائِرِ الدُّيُونِ إنْ كَانَ وُجُوبُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ بِبَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَنِيًّا بِمَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ مِنْ الْمَالِ فَلَا قَوْلَ لَهُ فِي دَعْوَى الْفَقْرِ بَعْدَ تَيَقُّنِنَا بِزَوَالِ ذَلِكَ الْأَصْلِ، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي كُلِّ دَيْنٍ الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ اخْتِيَارًا كَالْمَهْرِ وَدَيْنِ الْكَفَالَةِ فَإِقْدَامُهُ عَلَى الِالْتِزَامِ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارٍ مِنْهُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْأَدَاءِ فَإِنَّ الْعَاقِلَ لَا يَلْتَزِمُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهِ اخْتِيَارًا. فَأَمَّا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي دَعْوَى الْعُسْرَةِ. وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا يَقُولُونَ يَحْكُمُ فِي ذَلِكَ زِيُّهُ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْأَغْنِيَاءِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ؛ لِأَنَّ الزِّيَّ دَلِيلٌ عَلَى غِنَاهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} [البقرة: 273] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} [التوبة: 46] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا {إنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} [يوسف: 26] فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْعَلَامَةِ يُجْعَلُ حُكْمًا إلَّا فِي الْفُقَهَاءِ وَالْعَلَوِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يَتَكَلَّفُونَ الزِّيَّ مَعَ الْعُسْرَةِ لِيُعَظِّمَهُمْ النَّاسُ فَلَا يُجْعَلُ الزِّيُّ حُكْمًا فِي حَقِّهِمْ لِظُهُورِ الْعَادَةِ بِخِلَافِهِ.
(قَالَ:) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ عَلَى يَسَارِهِ وَسَأَلَتْ الْقَاضِيَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ يَسَارِهِ فِي السِّرِّ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ دَلِيلًا يَعْتَمِدُهُ لِفَصْلِ الْحُكْمِ وَهُوَ التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ دَلِيلًا آخَرَ، وَإِنْ فَعَلَهُ فَأَتَاهُ مَنْ أَخْبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ مُوسِرٌ لَا يَعْتَمِدُ ذَلِكَ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُخْبِرَهُ بِذَلِكَ رَجُلَانِ عَدْلَانِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 5  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست