responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 5  صفحه : 186
الْوُجُوبِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ.
أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ النَّفَقَةِ لَمْ تُسْقِطْ بِذَلِكَ نَفَقَتَهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ بَعْضِ الْأُجْرَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ هُنَا وَهُوَ الْعَقْدُ مَوْجُودٌ فَيُقَامُ ذَلِكَ مُقَامَ حَقِيقَةِ الْوُجُوبِ فِي صِحَّةِ الْإِسْقَاطِ، وَهُنَاكَ السَّبَبُ لَيْسَ هُوَ الْعَقْدُ وَلَكِنْ تَفْرِيغُهَا نَفْسَهَا لِخِدْمَةِ الزَّوْجِ، وَذَلِكَ يَتَجَدَّدُ حَالًا فَحَالًا، فَإِسْقَاطُهَا قَبْلَ وُجُودِ السَّبَبِ بَاطِلٌ. تَوْضِيحُهُ أَنَّ النَّفَقَةَ مَشْرُوعَةٌ لِلْكِفَايَةِ وَفِي التَّرَاضِي عَلَى مَا لَا تَقَعُ بِهِ الْكِفَايَةُ تَفْوِيتُ الْمَقْصُودِ لَا تَحْصِيلُهُ فَكَانَ بَاطِلًا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي قَضَائِهِ حِينَ قَضَى بِمَا لَا يَكْفِيهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَدَارَكَ الْخَطَأَ بِالْقَضَاءِ لَهَا بِمَا يَكْفِيهَا.

(قَالَ:) وَإِذَا فُرِضَ عَلَى الْمُعْسِرِ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ، ثُمَّ أَيْسَرَ فَخَاصَمَتْهُ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيُعْتَبَرُ حَالُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَكَمَا لَا يُسْتَأْنَفُ الْقَضَاءُ بِنَفَقَةِ الْمُعْسِرِ بَعْدَ الْيَسَارِ، فَكَذَلِكَ لَا يَسْتَدِيمُ ذَلِكَ - الْقَضَاءُ، وَقَدْ كَانَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ بِنَفَقَةِ الْمُعْسِرِ لِعُذْرِ الْعُسْرَةِ فَإِذَا زَالَ الْعُذْرُ بَطَلَ ذَلِكَ: كَمَنْ شَرَعَ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ لِلْعُسْرَةِ ثُمَّ أَيْسَرَ كَانَ عَلَيْهِ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ.

(قَالَ:) وَإِذَا تَغَيَّبَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا، أَوْ أَبَتْ أَنْ تَتَحَوَّلَ مَعَهُ إلَى مَنْزِلِهِ، أَوْ إلَى حَيْثُ يُرِيدُ مِنْ الْبُلْدَانِ وَقَدْ أَوْفَاهَا مَهْرَهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا نَاشِزَةٌ وَلَا نَفَقَةَ لِلنَّاشِزَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ فِي حَقِّ النَّاشِزَةِ بِمَنْعِ حَظِّهَا فِي الصُّحْبَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: 34] فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ تُمْنَعُ كِفَايَتَهَا فِي النَّفَقَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحَظَّ فِي الصُّحْبَةِ لَهُمَا وَفِي النَّفَقَةِ لَهَا خَاصَّةً، وَلِأَنَّهَا إنَّمَا تَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ بِتَسْلِيمِهَا نَفْسَهَا إلَى الزَّوْجِ وَتَفْرِيغِهَا نَفْسَهَا لِمَصَالِحِهِ، فَإِذَا امْتَنَعَتْ مِنْ ذَلِكَ صَارَتْ ظَالِمَةً وَقَدْ فَوَّتَتْ مَا كَانَ يُوجِبُ النَّفَقَةَ لَهَا بِاعْتِبَارِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَقِيلَ لِشُرَيْحٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَلْ لِلنَّاشِزَةِ نَفَقَةٌ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقِيلَ كَمْ قَالَ: جِرَابٌ مِنْ تُرَابٍ. مَعْنَاهُ: لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُوَفِّهَا مَهْرَهَا فَأَبَتْ عَلَيْهِ ذَلِكَ حَتَّى يُوفِيَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّهَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا بِحَقٍّ فَلَا تَكُونُ مُفَوِّتَةً مَا بِهِ تَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ حُكْمًا بَلْ الزَّوْجُ هُوَ الْمُفَوِّتُ بِمَنْعِهَا حَقَّهَا، وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ حَقُّهَا وَالْمَهْرَ حَقُّهَا فَمُطَالَبَتُهَا بِأَحَدِ الْحَقَّيْنِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهَا الْآخَرَ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا لِاسْتِيفَاءِ مَهْرِهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَكَأَنَّهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ اعْتَبَرَ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ انْتِقَالَهَا إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لَا تَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ ابْتِدَاءً، فَأَمَّا بَعْدَ مَا انْتَقَلَتْ إلَى بَيْتِهِ وَوَجَبَتْ لَهَا النَّفَقَةُ فَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ إلَّا بِمَنْعِهَا نَفْسَهَا بِغَيْرِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 5  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست