responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 5  صفحه : 184
فِي كُلِّ زَمَانٍ، فَيُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ ذَلِكَ فَيُفْرَضُ لَهَا عَلَيْهِ دَرَاهِمَ شَهْرًا شَهْرًا. وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْفَصْلَ وَاَلَّذِي قَالَ: تُفْرَضُ شَهْرًا شَهْرًا إنَّمَا بَنَاهُ عَلَى عَادَتِهِمْ أَيْضًا. وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا يَعْتَبِرُ فِي ذَلِكَ حَالَ الرَّجُلِ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَ مُحْتَرِفًا تُفْتَرَضُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ يَوْمًا يَوْمًا لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ أَدَاءُ النَّفَقَةِ شَهْرًا دُفْعَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَ مِنْ التُّجَّارِ يُفْرَضُ الْأَدَاءُ شَهْرًا شَهْرًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الدَّهَاقِينَ تُفْرَضُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ سَنَةً سَنَةً؛ لِأَنَّ تَيَسُّرَ الْأَدَاءِ عَلَيْهِ عِنْدَ إدْرَاكِ الْغَلَّاتِ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَتَيَسُّرَ الْأَدَاءِ عَلَى التَّاجِرِ عِنْدَ اتِّخَاذِ أَجْرِ غَلَّاتِ الْحَوَانِيتِ وَغَيْرِهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَتَيَسُّرَ الْأَدَاءِ عَلَى الْمُحْتَرِفِ بِالِاكْتِسَابِ فِي كُلِّ يَوْمٍ. وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الزَّوْجِ كَفِيلٌ بِشَيْءٍ مِنْ النَّفَقَةِ أَمَّا نَفَقَةُ الْمُسْتَقْبَلِ فَلَمْ تَجِبْ بَعْدُ وَالْإِنْسَانُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ مَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمَاضِي فَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الدُّيُونِ يُؤْمَرُ بِقَضَائِهَا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ.

وَلَوْ خَاصَمَتْهُ امْرَأَتُهُ فِي نَفَقَةِ مَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ الْقَاضِي عَلَيْهِ لَهَا النَّفَقَةَ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا. وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لَهَا بِمَا لَمْ تَسْتَوْفِ مِنْ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ. وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النَّفَقَةَ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي، أَوْ التَّرَاضِي عِنْدَنَا. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَصِيرُ دَيْنًا؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا بِالْعَقْدِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ، أَوْ إلَى الرِّضَاءِ فِي صَيْرُورَتِهَا دَيْنًا بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْمَهْرِ وَلِأَنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ بِاعْتِبَارِ قِيَامِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَدْ تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَيَصِيرُ دَيْنًا بِدُونِ الْقَضَاءِ كَالْأُجْرَةِ يَصِيرُ دَيْنًا بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّفَقَةَ صِلَةٌ وَالصِّلَاتُ لَا تَتَأَكَّدُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهَا مَا يُؤَكِّدُهَا، كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ. وَبَيَانُ الْوَصْفِ أَنَّ النَّفَقَةَ لَيْسَتْ بِعِوَضٍ عَنْ الْبُضْعِ فَإِنَّ الْمَهْرَ عِوَضٌ عَنْ الْبُضْعِ، وَلَا تَسْتَوْجِبُ عِوَضَيْنِ عَنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ؛ وَلِأَنَّ مَا يَكُونُ عِوَضًا عَنْ الْبُضْعِ يَجِبُ جُمْلَةً؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْبُضْعِ يَحْصُلُ لِلزَّوْجِ جُمْلَةً. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْقِيَامِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ مِنْهُ فِي مِلْكِهِ فَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِ عِوَضًا فَعَرَفْنَا أَنَّ طَرِيقَهُ طَرِيقُ الصِّلَةِ، وَتَأَكُّدُهَا إمَّا بِالْقَضَاءِ، أَوْ التَّرَاضِي وَلِأَنَّ هَذِهِ نَفَقَةٌ مَشْرُوعَةٌ لِلْكِفَايَةِ فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا بِدُونِ الْقَضَاءِ، كَنَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ لَا تَصِيرُ دَيْنًا بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ الزَّمَانِ فَكَذَا هُنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَدَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي، أَوْ التَّرَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ وِلَايَةُ الِاسْتِدَانَةِ، وَإِنَّمَا وِلَايَتُهَا عَلَى نَفْسِهَا فَمَا اسْتَدَانَتْ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهَا وَإِنْفَاقُهَا مِمَّا اسْتَدَانَتْ كَإِنْفَاقِهَا مِنْ سَائِرِ أَمْلَاكِهَا فَلَا تَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي فَرَضَ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةً كُلَّ شَهْرٍ، أَوْ صَالَحَتْهُ عَلَى نَفَقَةٍ كُلَّ شَهْرٍ، ثُمَّ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 5  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست