responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 90
مُفَوِّتًا عَلَيْهِ مِلْكًا مُتَقَوِّمًا، وَهُنَا بِالْإِحْرَامِ لَمْ يَبْطُلْ مِلْكُهُ عَلَى مَا قَرَّرْنَا، وَالدَّلِيلُ فِي الْفَرْقِ أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَخَذَ صَيْدًا ثُمَّ أَرْسَلَهُ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ وَجَدَهُ الْمُحْرِمُ فِي يَدِهِ بَعْدَمَا حَلَّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ، وَلَوْ أَحْرَمَ، وَفِي يَدِهِ صَيْدٌ فَأَرْسَلَهُ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَمَا حَلَّ فِي يَدِ غَيْرِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ فَدَلَّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ.

[مُحْرِمٌ قَتَلَ سَبُعًا]
(قَالَ) مُحْرِمٌ قَتَلَ سَبُعًا فَإِنْ كَانَ السَّبُعُ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَهُ فَآذَاهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنْ نَقُولَ مَا اسْتَثْنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمُؤْذِيَاتِ بِقَوْلِهِ «خَمْسٌ مِنْ الْفَوَاسِقِ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ»، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةَ، وَالْفَأْرَةَ، وَالْعَقْرَبَ، وَالْحَدَأَةَ، وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ» فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَلَا عَلَى الْحَلَالِ فِي الْحَرَمِ بِقَتْلِ هَذِهِ الْخَمْسِ لِأَنَّ قَتْلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُبَاحٌ مُطْلَقًا، وَهَذَا الْبَيَانُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالْمُلْحَقِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلْجَزَاءِ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْكَلْبِ الْعَقُورِ الذِّئْبُ فَأَمَّا سِوَى الْخَمْسِ مِنْ السِّبَاعِ الَّتِي لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا إذَا قَتَلَ الْمُحْرِمُ مِنْهَا شَيْئًا ابْتِدَاءً فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا اسْتَثْنَى الْخَمْسَ لِأَنَّ مِنْ طَبْعِهَا الْأَذَى فَكُلُّ مَا يَكُونُ مِنْ طَبْعِهِ الْأَذَى فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخَمْسِ مُسْتَثْنًى مِنْ نَصِّ التَّحْرِيمِ فَصَارَ كَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لَا تَقْتُلُوا مِنْ الصَّيُودِ غَيْرَ الْمُؤْذِي، وَلَوْ كَانَ النَّصُّ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا مَا هُوَ مَأْكُولُ اللَّحْمِ غَيْرُ الْمُؤْذِي، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَثْنَى الْكَلْبَ الْعَقُورَ، وَهَذَا يَتَنَاوَلُ الْأَسَدَ أَلَا تَرَى «أَنَّهُ حِينَ دَعَا عَلَى عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ قَالَ اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِك فَافْتَرَسَهُ أَسَدٌ بِدُعَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَلِأَنَّ الثَّابِتَ بِالنَّصِّ حُرْمَةٌ مُمْتَدَّةٌ إلَى غَايَةٍ، وَهُوَ الْخُرُوجُ مِنْ الْإِحْرَامِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96]، وَهَذَا يَتَنَاوَلُ مَأْكُولَ اللَّحْمِ فَأَمَّا غَيْرُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ فَمُحَرَّمُ التَّنَاوُلِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ هَذَا النَّصُّ، وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95]، وَاسْمُ الصَّيْدِ يَعُمُّ الْكُلَّ لِأَنَّهُ يُسَمَّى بِهِ لِتَنَفُّرِهِ، وَاسْتِيحَاشِهِ، وَبُعْدِهِ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِيمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ لَفْظَةَ الِاصْطِيَادِ بِهَذَا الْمَعْنَى تُطْلَقُ عَلَى أَخْذِ الرِّجَالِ قَالَ الْقَائِلُ
صَيْدُ الْمُلُوكِ ثَعَالِبٌ وَأَرَانِبُ ... وَإِذَا رَكِبْتُ فَصَيْدِي الْأَبْطَالُ
ثُمَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْ النَّصِّ خَمْسٌ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا سِوَى الْخَمْسِ فَحُكْمُ النَّصِّ فِيهِ ثَابِتٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّا لَوْ جَعَلْنَا الِاسْتِثْنَاءَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْإِيذَاءِ خَرَجَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحْصُورًا بِعَدَدِ الْخَمْسِ فَكَانَ هَذَا تَعْلِيلًا مُبْطِلًا لِلنَّصِّ ثُمَّ مَا سِوَى

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست