responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 224
الرِّقُّ يَنْفِي الْوِلَايَةَ حَتَّى يَقْطَعَ التَّوَارُثَ، وَلِأَنَّهُ يَنْفِي وِلَايَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَلَأَنْ يَنْفِي وِلَايَتَهُ عَنْ غَيْرِهِ أَوْلَى. وَأَمَّا الْكَافِرُ فَثَبَتَ لَهُ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ عَلَى وَلَدِهِ الْكَافِرِ كَمَا تَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ جَرَيَانُ التَّوَارُثِ فِيمَا بَيْنَهُمْ كَمَا جَرَى فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ

(قَالَ): وَلِأَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ فِيمَا بَيْنَهُمْ حُكْمُ الصِّحَّةِ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَنْكِحَتُهُمْ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ نِعْمَةٌ وَكَرَامَةٌ ثَابِتَةٌ شَرْعًا وَالْكَافِرُ لَا يُجْعَلُ أَهْلًا لِمِثْلِهِ، وَلَكِنَّا نَسْتَدِلُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4]، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نِكَاحٌ لَمَا سَمَّاهَا امْرَأَتَهُ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وُلِدْتُ مِنْ نِكَاحٍ، وَلَمْ أُولَدْ مِنْ سِفَاحٍ»، وَهَذِهِ نِعْمَةٌ كَمَا قَالَ: وَلَكِنَّ الْأَهْلِيَّةَ لِهَذِهِ النِّعْمَةِ بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْآدَمِيَّةِ وَبِالْكُفْرِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِهَذِهِ النِّعْمَةِ

(قَالَ): وَلَوْ زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ مِمَّنْ لَا يُكَافِئُهَا أَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ امْرَأَةً لَيْسَتْ بِكُفْءٍ لَهُ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ اسْتِحْسَانًا، وَلَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَكَذَلِكَ لَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا أَوْ ابْنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا بِقَدْرِ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا، هَكَذَا قَالَ فِي الْكِتَابِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لِمَاذَا لَا يَجُوزُ حَتَّى ظَنَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ لَا يَجُوزُ، فَأَمَّا أَصْلُ النِّكَاحِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ هُنَا مِنْ قِبَلِ الْمُسَمَّى، وَفَسَادُ التَّسْمِيَةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ كَمَا لَوْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ أَصْلًا أَوْ زَوَّجَهَا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَجُوزُ، هَكَذَا فَسَّرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ وِلَايَةَ الْأَبِ مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ النَّظَرِ، وَمَعْنَى الضَّرَرِ فِي هَذَا الْعَقْدِ ظَاهِرٌ فَلَا يَمْلِكُهَا الْأَبُ بِوِلَايَتِهِ كَمَا لَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي مَالِهِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهَا بِمِثْلِ هَذَا الصَّدَاقِ لَا يَجُوزُ فَإِذَا زَوَّجَهَا أَوْلَى وَوِلَايَتُهُ عَلَيْهَا دُونَ وِلَايَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى نَفْسِهَا، وَلَوْ زَوَّجَتْ هِيَ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا يَثْبُتُ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ لِلْأَوْلِيَاءِ فَهَذَا أَوْلَى، وَلَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَرَكَ الْقِيَاسَ بِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَلَى صَدَاقِ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ زَوَّجَهَا مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَزَوَّجَ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مِنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى صَدَاقِ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ».
وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ صَدَاقَ مِثْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهِمَا هَذَا الْمِقْدَارَ مَعَ أَنَّهُمَا مَجْمَعُ الْفَضَائِلِ فَلَا صَدَاقَ فِي الدُّنْيَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ النِّكَاحَ يَشْتَمِلُ عَلَى مَصَالِحَ وَأَغْرَاضٍ وَمَقَاصِدَ جَمَّةٍ وَالْأَبُ وَافِرُ الشَّفَقَةِ يَنْظُرُ لِوَلَدِهِ فَوْقَ مَا يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا قَصَّرَ فِي الْكَفَاءَةِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست