responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 205
هَذَا أَنَّ ثُبُوتَ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ بِطَرِيقِ النِّعْمَةِ وَالْكَرَامَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَّ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: 54]، وَهُوَ مَعْقُولٌ، فَإِنْ أُمَّهَاتِهَا وَبَنَاتِهَا يَصِرْنَ كَأُمَّهَاتِهِ وَبَنَاتِهِ حَتَّى يَخْلُوَ بِهِنَّ وَيُسَافِرَ بِهِنَّ، وَهَذَا يَكُونُ بِطَرِيقِ الْكَرَامَةِ وَالزِّنَا الْمَحْضُ سَبَبٌ لِإِيجَابِ الْعُقُوبَةِ فَلَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِإِيجَابِ الْحُرْمَةِ وَالْكَرَامَةِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ، فَكَذَلِكَ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22]، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ النِّكَاحَ لِلْوَطْءِ حَقِيقَةً فَتَكُونُ الْآيَةُ نَصًّا فِي تَحْرِيمِ مَوْطُوءَةِ الْأَبِ عَلَى الِابْنِ فَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الْوَطْءِ حَلَالًا زِيَادَةٌ. وَلَا تَثْبُتُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَلَا بِالْقِيَاسِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ مَوْطُوءَةَ الْأَبِ بِالْمِلْكِ حَرَامٌ عَلَى الِابْنِ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَدَلَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ الْوَطْءُ لَا الْعَقْدُ، وَقَدْ نُقِلَ مِثْلُ مَذْهَبِنَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلِّهِ فَيَكُونُ مُوجِبًا لِلْحُرْمَةِ كَالْوَطْءِ بِالنِّكَاحِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ وَتَفْسِيرُ الْوَصْفِ أَنَّ الْوَطْءَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مُحَرَّمٌ لِكَوْنِهِ مُثْبَتًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ حَرْثٌ وَالْحَرْثُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مَحَلٍّ مُثْبَتٍ وَكَوْنُ الْمَحَلِّ مُثْبَتًا لَا يَخْتَلِفُ بِالْمِلْكِ وَعَدَمِ الْمِلْكِ، وَتَأْثِيرُهُ أَنَّ ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ بِسَبَبِ هَذَا الْوَطْءِ فِي الْمِلْكِ لَيْسَ لِعَيْنِ الْمِلْكِ بَلْ لِمَعْنَى الْبَعْضِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي يَتَخَلَّقُ مِنْ الْمَاءَيْنِ يَكُونُ بَعْضًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَتَتَعَدَّى شُبْهَةُ الْبَعْضِيَّةِ إلَى أُمَّهَاتِهَا وَبَنَاتِهَا وَإِلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ وَالشُّبْهَةُ تَعْمَلُ عَمَلَ الْحَقِيقَةِ فِي إيجَابِ الْحُرْمَةِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ بِالْمِلْكِ وَعَدَمِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْبَعْضِيَّةِ حِسِّيٌّ، وَإِنَّمَا تَكُونُ هَذِهِ الْبَعْضِيَّةُ مُوجِبَةً حُرْمَةَ الْمَوْطُوءَةِ؛ لِأَنَّ الْبَعْضِيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ عَمَلُهَا كَعَمَلِ حَقِيقَةِ الْبَعْضِيَّةِ وَحَقِيقَةُ الْبَعْضِيَّةِ تُوجِبُ الْحُرْمَةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ، فَأَمَّا فِي مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ لَا تُوجِبُ.
أَلَا تَرَى أَنَّ حَوَّاءَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - خُلِقَتْ مِنْ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَكَانَتْ بَعْضُهُ حَقِيقَةً وَهِيَ حَلَالٌ لَهُ، فَكَذَلِكَ شُبْهَةُ الْبَعْضِيَّةِ إنَّمَا تُوجِبُ الْحُرْمَةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ، وَفِي حَقِّ الْمَوْطُوءَةِ ضَرُورَةٌ، وَهَذَا لِأَنَّ الْعِلَلَ الشَّرْعِيَّةَ أَمَارَاتٌ لَا مُوجِبَاتٌ فَلِهَذَا ثَبَتَ الْحُكْمُ بِهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي جَعَلَهَا الشَّرْعُ عِلَّةً. وَقَدْ جَعَلَ الشَّرْعُ مَوْضِعَ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنًى مِنْ الْحُرْمَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إلَّا مَا اُضْطُرِرْتُمْ إلَيْهِ} [الأنعام: 119]، فَأَمَّا النَّسَبُ فَعِنْدَنَا أَحْكَامُ النَّسَبِ تَثْبُتُ، وَلَكِنَّ الِانْتِسَابَ لَا يَثْبُتُ؛ لِأَنَّهُ لِمَقْصُودِ الشَّرَفِ بِهِ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزَّانِي وَالْعِدَّةُ إنَّمَا لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا فِي الْأَصْلِ بِاعْتِبَارِ حَقِّ النِّكَاحِ أَوْ الْفِرَاشِ وَبَيْنَ النِّكَاحِ وَالسِّفَاحِ مُنَافَاةٌ فَبِانْعِدَامِ الْفِرَاشِ يَنْعَدِمُ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلْعِدَّةِ. وَبَعْضُ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست