responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 167
الْجَنَّةُ»، وَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]: إنَّ إتْمَامَهُمَا أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ، قَالَ: وَبَلَغَنَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ وَقَّتْنَا لَهُ وَقْتًا فَهُوَ لَهُ وَقْتٌ وَلِمَنْ مَرَّ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ» فَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَنْتَهِي إلَى الْمِيقَاتِ عَلَى قَصْدِ دُخُولِ مَكَّةَ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ حَلَالًا فَأَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ كَانَ مِيقَاتُهُ لِلْإِحْرَامِ مِيقَاتَ أَهْلِ مَكَّةَ فَكَذَا هُنَا، ثُمَّ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: إنَّمَا يَجِبُ الْإِحْرَامُ عِنْدَ الْمِيقَاتِ عَلَى مَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ لِلْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ.
وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ دُخُولَهَا لِقِتَالٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ عِنْدَهُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَهَا يَوْمَ الْفَتْحِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، وَإِنْ أَرَادَ دُخُولَهَا لِلتِّجَارَةِ أَوْ طَلَبِ غَرِيمٍ لَهُ فَلَهُ فِيهِ قَوْلَانِ: فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ " لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ "؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِعَيْنِهِ بَلْ لِأَدَاءِ النُّسُكِ بِهِ، وَهَذَا الرَّجُلُ غَيْرُ قَاصِدٍ أَدَاءَ النُّسُكِ فَكَانَ الْحَرَمُ فِي حَقِّهِ كَسَائِرِ الْبِقَاعِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ، فَأَمَّا عِنْدَنَا لَيْسَ لِأَحَدٍ يَنْتَهِي إلَى الْمِيقَاتِ إذَا أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ أَنْ يُجَاوِزَهَا إلَّا بِالْإِحْرَامِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ قَصْدِهِ الْحَجُّ أَوْ الْقِتَالُ أَوْ التِّجَارَةُ لِحَدِيثِ ابْنِ شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ إنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ حَرَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ هِيَ حَرَامٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» فَقَدْ تَرَخَّصَ لِلْقِتَالِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ «إنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً» فَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ فَيَتَبَيَّنُ بِهَذَا الْحَدِيثِ خُصُوصِيَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدُخُولِ مَكَّةَ لِلْقِتَالِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ الْخُصُوصِيَّةُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَصْنَعَ كَصَنِيعِهِ. وَجَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، فَقَالَ: إنِّي جَاوَزْتُ الْمِيقَاتَ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ، فَقَالَ: ارْجِعْ إلَى الْمِيقَاتِ وَلَبِّ وَإِلَّا فَلَا حَجَّ لَكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا يُجَاوِزُ الْمِيقَاتَ أَحَدٌ إلَّا مُحْرِمًا» وَلِأَنَّ وُجُوبَ الْإِحْرَامِ عَلَى مَنْ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ لِإِظْهَارِ شَرَفِ تِلْكَ الْبُقْعَةِ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى مَنْ يُرِيدُ النُّسُكَ وَمَنْ لَا يُرِيدُ النُّسُكَ سَوَاءٌ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ يُرِيدُ دُخُولَ مَكَّةَ أَنْ يُجَاوِزَ الْمِيقَاتَ إلَّا مُحْرِمًا، فَأَمَّا مَنْ كَانَ وَرَاءَ الْمِيقَاتِ إلَى مَكَّةَ فَلَهُ أَنْ يَدْخُلَهَا لِحَاجَتِهِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ عِنْدَنَا، وَفِي أَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُفَرِّقُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست