responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 164
رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: سُئِلَ عَمَّنْ لَهُ مَالٌ أَيَحُجُّ بِهِ أَمْ يَتَزَوَّجُ قَالَ: بَلْ يَحُجُّ بِهِ فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَهُ عَلَى الْفَوْرِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسَعُهُ التَّأْخِيرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَفُوتَهُ بِالْمَوْتِ فَإِنْ أَخَّرَ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ آثِمٌ بِالتَّأْخِيرِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ، وَإِنْ مَاتَ وَاسْتَدَلَّ مُحَمَّدٌ بِتَأْخِيرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَجَّ بَعْدَ نُزُولِ فَرْضِيَّتِهِ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فَرْضِيَّةُ الْحَجِّ فِي سَنَةِ سِتٍّ مِنْ الْهِجْرَةِ وَحَجَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَنَةِ عَشْرٍ. وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْحَجَّ فَرْضُ الْعُمُرِ فَكَانَ جَمِيعُ الْعُمُرِ وَقْتَ أَدَائِهِ وَلَا يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ الْعُمُرِ أَدَاؤُهُ فَصَارَ جَمِيعُ الْوَقْتِ فِي حَقِّ الْحَجِّ كَجَمِيعِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ وَهُنَاكَ التَّأْخِيرُ يَسَعُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَفُوتَهُ عَنْ وَقْتِهِ، وَدَلِيلُ صِحَّةِ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَهُ كَانَ مُؤَدِّيًا لَا قَاضِيًا فَدَلَّ أَنَّ جَمِيعَ الْعُمْرِ وَقْتُ أَدَائِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَدَلَّا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ وَجَدَ زَادًا وَرَاحِلَةً يُبْلِغَانِهِ بَيْتَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ يَحُجَّ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا» الْحَدِيثَ، وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْظُرَ إلَى مَنْ مَلَكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ، وَلَمْ يَحُجَّ فَأُحَرِّقُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَاَللَّهِ مَا أَرَاهُمْ مُسْلِمِينَ قَالَهَا ثَلَاثًا.
وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ السَّنَةَ الْأُولَى بَعْدَ مَا تَمَّتْ الِاسْتِطَاعَةُ مُتَعَيِّنَةٌ لِأَدَاءِ الْحَجِّ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَجِّ فَالتَّأْخِيرُ عَنْهُ يَكُونُ تَفْوِيتًا كَتَأْخِيرِ الصَّوْمِ عَنْ شَهْرِ رَمَضَانِ وَتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا بَيَانُهُ وَهُوَ أَنْ يَمْضِيَ هَذَا الْوَقْتُ يَعْجِزُ عَنْ الْأَدَاءِ بِيَقِينٍ، وَقُدْرَتُهُ عَلَى الْأَدَاءِ بِمَجِيءِ أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مَوْهُومٌ فَرُبَّمَا لَا يَعِيشُ إلَيْهَا وَبِالْمَوْهُومِ لَا تَثْبُتُ الْقُدْرَةُ فَبَقِيَ مُضِيُّ هَذَا الْوَقْتِ تَفْوِيتًا لَهُ، تَوْضِيحُهُ أَنَّ وَقْتَ أَدَاءِ أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ عُمُرِهِ لَا مِنْ جَمِيعِ الدُّنْيَا، وَهَذِهِ السَّنَةُ مُتَعَيِّنَةٌ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ التَّعْيِينِ لِاعْتِبَارِ الْمُعَارَضَةِ وَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُعَارَضَةُ إلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ بِحَيَاتِهِ إلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَلَا طَرِيقَ لِأَحَدٍ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ، وَلِهَذَا قُلْنَا لَوْ أَخَّرَهُ كَانَ مُؤَدِّيًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَقِيَ إلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ تَحَقَّقَتْ الْمُعَارَضَةُ فَخَرَجَتْ السَّنَةُ الْأُولَى مِنْ أَنْ تَكُونَ مُتَعَيِّنَةً وَكَانَتْ هَذِهِ السَّنَةُ فِي حَقِّهِ تُعَدُّ لِمَا أَدْرَكَهَا بِمَنْزِلَةِ السَّنَةِ الْأُولَى، فَأَمَّا تَأْخِيرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ مَنَعَ ذَلِكَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالُوا نُزُولُ فَرِيضَةِ الْحَجِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97]، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي سَنَةِ عَشْرٍ، فَأَمَّا النَّازِلُ سَنَةَ سِتٍّ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]، وَهَذَا أَمْرٌ بِالْإِتْمَامِ لِمَنْ شَرَعَ فِيهِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ ابْتِدَاءُ الْفَرْضِيَّةِ مَعَ أَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا لَا يَحِلُّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْرِيضِ لِلْفَوْتِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمَنُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَبْعُوثٌ لِبَيَانِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست