responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 16
فَلِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ جَوَّزَ لَهُ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَفِي هَذَا الْمُنْفَرِدِ وَاَلَّذِي يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ، وَقَاسَ هَذَا الْجَمْعَ بِالْجَمْعِ الثَّانِي بِالْمُزْدَلِفَةِ فَإِنَّ الْإِمَامَ فِيهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بِالِاتِّفَاقِ، وَهَذَا النُّسُكُ مُعْتَبَرٌ بِسَائِرِ الْمَنَاسِكِ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِمَامُ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] أَيْ فَرْضًا مُؤَقَّتًا فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الْوَقْتِ فِي الصَّلَاةِ فَرْضٌ بِيَقِينٍ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ إلَّا بِيَقِينٍ، وَهُوَ الْمَوْضُوعُ الَّذِي وَرَدَ النَّصُّ بِهِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ النَّصُّ بِجَمْعِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَالْخُلَفَاءِ مِنْ بَعْدِهِ فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ إلَّا بِتِلْكَ الصِّفَةِ، وَكَأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ هَذَا الْجَمْعَ مُخْتَصٌّ بِمَكَانٍ وَزَمَانٍ، وَمِثْلُهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِمَامٍ كَإِقَامَةِ الْخُطْبَةِ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْجُمُعَةِ لَمَّا كَانَ مُخْتَصًّا بِمَكَانٍ وَزَمَانٍ كَانَ الْإِمَامُ شَرْطًا فِيهِ بِخِلَافِ الْجَمْعِ الثَّانِي فَإِنَّهُ أَدَاءُ الْمَغْرِبِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِمَكَانٍ وَزَمَانٍ فَأَمَّا هَذَا تَعْجِيلُ الْعَصْرِ عَلَى وَقْتِهِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي هَذَا الْمَكَانِ، وَهَذَا الزَّمَانِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا الْجَمْعَ لِأَجْلِ الْوُقُوفِ، وَلَكِنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْجَمْعِ لِلْجَمَاعَةِ لَا لِلْمُنْفَرِدِ؛ لِأَنَّ الْمُنْفَرِدَ يُمْكِنُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَصْرَ فِي وَقْتِهِ فِي مَوْضِعِ وُقُوفِهِ فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ وَاقِفٌ فَلَا يَنْقَطِعُ وُقُوفُهُ بِالِاشْتِغَالِ بِالصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُونَ إلَى الْخُرُوجِ لِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ إذَا أَدَّوْهَا بِالْجَمَاعَةِ، وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ الِاجْتِمَاعُ فَإِنَّهُمْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ يَتَفَرَّقُونَ فِي الْمَوْقِفِ فَيَخْتَارُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَوْضُوعًا خَالِيًا يُنَاجِي فِيهِ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَنْعَدِمُ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَدَاءُ الْعَصْرِ فِي وَقْتِهِ فِي مَوْضِعِ خَلْوَتِهِ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَحْمُولٌ عَلَى الْإِمَامِ الْأَجَلِّ، وَهُوَ الْخَلِيفَةُ، أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، ثُمَّ يُعَارِضُهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُصَلِّي الْمُنْفَرِدُ كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا

(قَالَ) وَلَوْ فَاتَهُ الظُّهْرُ مَعَ الْإِمَامِ، وَأَدْرَكَ الْعَصْرَ مَعَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا أَيْضًا، وَعِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ التَّغْيِيرَ إنَّمَا وَقَعَ فِي الْعَصْرِ فَإِنَّهَا مُعَجَّلَةٌ عَلَى وَقْتِهَا، وَاشْتِرَاطُ الْإِمَامِ لِوُقُوعِ التَّغْيِيرِ فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَا وَقَعَ فِيهِ التَّغْيِيرُ.
وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْعَصْرَ فِي هَذَا الْيَوْمِ كَالتَّبَعِ لِلظُّهْرِ؛ لِأَنَّهُمَا صَلَاتَانِ أُدِّيَتَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، الثَّانِيَةُ مِنْهُمَا مُرَتَّبَةٌ عَلَى الْأُولَى فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْعِشَاءِ مَعَ الْوَتْرِ فَكَمَا أَنَّ الْوَتْرَ تَبَعٌ لِلْعِشَاءِ فَكَذَلِكَ الْعَصْرُ تَبَعٌ لِلظُّهْرِ هُنَا، وَلَمَّا جُعِلَ الْإِمَامُ شَرْطًا فِي التَّبَعِ كَانَ شَرْطًا فِي الْأَصْلِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَدَلِيلُ التَّبَعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَصْرُ فِي هَذَا الْيَوْمِ إلَّا بَعْدَ صِحَّةِ أَدَاءِ الظُّهْرِ، حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ أَنَّهُمْ صَلَّوْا الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَالْعَصْرَ بَعْدَهُ لَزِمَهُمْ إعَادَةُ الصَّلَاتَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَدَّدَ الْوُضُوءَ بَيْنَ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست