responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 132
قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ الدِّمَاءُ فِيهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَوَّزَ ذَلِكَ فِي كُلِّ سَبْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ جِنْسُ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمْ وَاحِدًا أَوْ مُخْتَلِفًا فِي حُكْمِ الْجَوَازِ حَتَّى إذَا قَصَدَ بَعْضُهُمْ دَمَ الْمُتْعَةِ وَبَعْضُهُمْ دَمَ الْإِحْصَارِ وَجَزَاءَ الصَّيْدِ فَذَلِكَ جَائِزٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ بَعْضُهُمْ اللَّحْمَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ إرَاقَةُ دَمٍ هُوَ قُرْبَةٌ، وَإِرَاقَةُ الدَّمِ فِي كَوْنِهِ قُرْبَةً لَا يَتَجَزَّأُ، فَإِذَا قَصَدَ بَعْضُهُمْ اللَّحْمَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ خَالِصًا فَأَمَّا عِنْدَ اخْتِلَافِ جِهَاتِ الْقُرْبَةِ فَقَصَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مَعْنَى الْقُرْبَةِ فَقَطْ فَلِهَذَا يَتَأَدَّى الْوَاجِبُ بِهِ، وَلَوْ كَانَ كُلُّهُ جِنْسًا وَاحِدًا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ دِمَاءَ الْقُرَبِ مُخْتَلِفَةٌ بَعْضُهَا لَا يَحِلُّ التَّنَاوُلُ مِنْهُ لِلْأَغْنِيَاءِ كَدِمَاءِ الْكَفَّارَاتِ وَبَعْضُهَا يَحِلُّ فَإِذَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ فَقَدْ اتَّحَدَ مَعْنَى الْقُرْبَةِ فِي الْمَذْبُوحِ فَيَكُونُ أَقْرَبَ إلَى الْجَوَازِ

(قَالَ): فَإِذَا نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَوَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ مَسْجِدًا آخَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. أَمَّا صِحَّةُ نِيَّتِهِ فَلِأَنَّهَا مُطَابِقَةٌ لِلَفْظِهِ، وَالْمَسَاجِدُ كُلُّهَا بُيُوتُ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: 36] وَإِذَا عُلِمَتْ نِيَّتُهُ صَارَ ذَلِكَ كَالْمَلْفُوظِ بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ سَائِرَ الْمَسَاجِدِ يُبَاحُ دُخُولُهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَلَا يَصِيرُ بِهِ مُلْتَزِمًا لِلْإِحْرَامِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: أَنَا أَمْشِي إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ: فَإِنْ نَوَى بِهِ الْعِدَةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَوَاعِيدَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا اللُّزُومُ، وَلَكِنْ يُنْدَبُ إلَى الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ، وَإِنْ نَوَى بِهِ النَّذْرَ كَانَ نَذْرًا وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ نَذْرٌ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى شَيْئًا مِنْ الْمَسَاجِدِ فَهُوَ عَلَى الْكَعْبَةِ لِلْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ فَإِنَّ النَّاسَ إذَا أَطْلَقُوا هَذِهِ اللَّفْظَةَ يُرِيدُونَ بِهَا الْكَعْبَةَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: عَلَى الْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ، أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ فَهُوَ وَقَوْلُهُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ سَوَاءٌ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ: عَلَى الْمَشْيِ إلَى الْحَرَمِ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْذًا بِالْقِيَاسِ فِيهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُطْلِقُونَ هَذَا اللَّفْظَ عَادَةً لِإِرَادَةِ الْتِزَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ بِمَنْزِلَةِ الْفِنَاءِ لِلْكَعْبَةِ، وَالْحَرَمُ بِمَنْزِلَةِ الْفِنَاءِ لِمَكَّةَ فَلَا يُجْعَلُ ذِكْرُ الْفِنَاءِ كَذِكْرِ الْأَصْلِ فِي النَّذْرِ بَلْ يُجْعَلُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الصَّفَا أَوْ إلَى الْمَرْوَةِ أَوْ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ - فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - قَالَا: نَأْخُذُ بِالِاحْتِيَاطِ أَوْ بِالِاسْتِحْسَانِ فِي هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَى الْحَرَمِ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَّا بِالْإِحْرَامِ فَصَارَ بِهِمَا مُلْتَزِمًا لِلْإِحْرَامِ

(قَالَ): وَلَوْ قَالَ: عَلَى السَّفَرِ إلَى مَكَّةَ أَوْ الذَّهَابِ أَوْ الْإِتْيَانِ إلَى مَكَّةَ أَوْ الرُّكُوبِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالْقِيَاسُ فِي الْأَلْفَاظِ كُلِّهَا وَاحِدٌ، وَلَكِنْ فِيمَا تَعَارَفَ النَّاسُ الْتِزَامَ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 132
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست