responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 309
بِشَيْءٍ، وَهَذَا، كَمَا يُقَالُ أَنَّ مَنْ زَنَى فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا لِصَوْمِهِ، فَهُوَ مُرْتَكِبٌ لِلْكَبِيرَةِ مُسْتَوْجِبٌ لِلْعُقُوبَةِ وَلَكِنْ لَا يَفْسُدُ بِهِ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالصَّوْمِ، وَلَا قَاصِدًا إلَى الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأَمَالِي أَنَّ الِابْنَ إذَا زَنَى بِامْرَأَةِ أَبِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَقَدْ تَعَمَّدَ الْفَسَادَ بِأَنْ أَكْرَهَهَا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَرْجِعْ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ بِمَا يَغْرَمُ لَهَا مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ، وَإِذَا قَبَّلَهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ مُكْرَهَةٌ رَجَعَ الْأَبُ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَنَى بِهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْحَدُّ وَالْمَهْرُ لَا يَجْتَمِعَانِ فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ، وَإِذَا قَبَّلَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَدُّ فَيَكُونُ لِلْأَبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ، وَلَكِنَّ هَذَا ضَعِيفٌ، فَإِنَّ الْمَهْرَ لَا يَجِبُ لَهَا مَعَ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الْوَاطِئِ وَهُنَا نِصْفُ الْمَهْرِ عَلَى الْوَاطِئِ إنَّمَا يَجِبُ لِلْأَبِ وَمِثْلُ هَذَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْحَدِّ لِفِقْهٍ، وَهُوَ أَنَّ الْمَهْرَ لَهَا لَا يَجِبُ إلَّا بِالْوَطْءِ، وَقَدْ وَجَبَ الْحَدُّ بِالْوَطْءِ فَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ، وَأَمَّا حَقُّ الرُّجُوعِ لِلْأَبِ عَلَى الْوَاطِئِ فَيَثْبُتُ بِالتَّقْبِيلِ وَالْمَسِّ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ فَهُنَاكَ أَنَّ الْحَدَّ وَجَبَ عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ فَيُمْكِنُ إثْبَاتُ الرُّجُوعِ لَهُ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ فِعْلٍ آخَرَ، وَهُوَ التَّقْبِيلُ أَوْ الْمَسُّ فَاسْتَقَامَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

[خَاتِمَة الْكتاب]
نَحْمَدُك يَا مَنْ جَعَلْت الشَّرِيعَةَ الْغَرَّاءَ كَشَجَرَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ وَنُصَلِّي وَنُسَلِّمُ عَلَى نِهَايَةِ خُلَاصَةِ الْأَصْفِيَاءِ وَذَخِيرَةِ نُخْبَةِ الْعُظَمَاءِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْأَمِينِ الْقَائِلِ «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ». وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ نَجَمُوا فِي جَبْهَةِ الدُّنْيَا بُدُورَ هُدًى وَكَانُوا - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - خَيْرَ قُدْوَةٍ لِمَنْ اقْتَدَى وَعَلَى التَّابِعِينَ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمُرْشِدِينَ الْقَائِمِينَ بِعَهْدِهِ الرَّاشِدِينَ بِرُشْدِهِ
وَبَعْدُ، فَإِنَّ مِنْ الْمُقَرَّرِ عِنْدَ ذَوِي الْبَصَائِرِ أَنَّ ظُهُورَ الْإِنْسَانِ بِمَظْهَرِ الشَّرَفِ فِي الدَّارَيْنِ وَنَيْلَهُ دَرَجَاتِ الْكَمَالِ فِي الْكَوْنَيْنِ إنَّمَا هُوَ بِتَحْلِيَةِ الظَّاهِرِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الدِّينِيَّةِ بَعْدَ تَزْكِيَةِ الْبَاطِنِ بِالْعَقَائِدِ الْيَقِينِيَّةِ. فَالْعِلْمُ الْمُتَكَفِّلُ مِنْ بَيْنِ الْعُلُومِ بِبَيَانِ الْأُولَى لَا رَيْبَ يَكُونُ بِالِاشْتِغَالِ أَوْلَى، وَهُوَ عِلْمُ الْفِقْهِ الَّذِي اعْتَنَى بِشَأْنِهِ فِي كُلِّ عَصْرٍ عِصَابَةٌ هُمْ أَهْلُ الْإِصَابَةِ. فَبَيَّنُوا الْمَعْقُولَ فِيهِ وَالْمَنْقُولَ وَاسْتَخْرَجُوا أَغْصَانَ الْفُرُوعِ مِنْ شُعَبِ الْأُصُولِ وَإِبْرَازَ حَقَائِقِهِ بَعْدَ أَنْ أَحْرَزُوا دَقَائِقَهُ وَقَنَصُوا شَوَارَهُ وَنَظَمُوا قَلَائِدَهُ وَذَلَّلُوا مَصَاعِبَهُ وَقَرَّبُوا مَطَالِبَهُ وَأَلَّفُوا فَأَجَادُوا وَصَنَّفُوا فَأَفَادُوا، وَأَسْنَى مَا أُلِّفَ فِيهِ وَأَبْدَعُهُ وَأَعْذَبُهُ مَوْرِدًا وَأَحْكَمُهُ وَأَجْمَعُهُ (كِتَابُ الْمَبْسُوطِ) فِي فِقْهِ مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ غَيْثَ الرَّحْمَةِ وَشَآبِيبَ الرِّضْوَانِ، تَصْنِيفُ الْعَلَمِ النِّحْرِيرِ ذِي الْإِتْقَانِ وَالتَّحْرِيرِ وَالْحُجَّةِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 309
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست