responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 285
لِلتَّزَيُّنِ يَقْصِدُ بِهِ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ خَاصَّةً، وَفِيمَا يُنْفِقُ عَلَى الْمَسْجِدِ لِلتَّزَيُّنِ مَنْفَعَتُهُ، وَمَنْفَعَةُ غَيْرِهِ، فَإِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ مَالَهُ إلَى مَنْفَعَةِ نَفْسِهِ بِهَذَا الطَّرِيقِ فَلَأَنْ يَجُوزَ صَرْفُهُ إلَى مَنْفَعَتِهِ وَمَنْفَعَةِ غَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى، وَقَدْ أُمِرْنَا فِي الْمَسَاجِدِ بِالتَّعْظِيمِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَعْنَى التَّعْظِيمِ يَزْدَادُ بِالتَّزْيِينِ فِي قُلُوبِ بَعْضِ النَّاسِ مِنْ الْعَوَامّ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِهَذَا الطَّرِيقِ يُؤْجَرُ هُوَ عَلَى مَا فَعَلَهُ، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يُثَابُ الْمُؤْمِنُ عَلَى إنْفَاقِ مَالِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي الْبُنْيَانِ» زَادَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مَا خَلَا الْمَسَاجِدَ فَإِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ، فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُثَابُ فِيمَا يُنْفِقُ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَتَزْيِينِهِ وَعَلَى هَذَا أَمْرُ اللِّبَاسِ، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَجَمَّلَ بِلُبْسِ أَحْسَنِ الثِّيَابِ وَأَجْوَدِهَا، فَقَدْ «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُبَّةٌ فَنَكٍ عَلَمُهَا مِنْ الْحَرِيرِ فَكَانَ يَلْبَسُهَا فِي الْأَعْيَادِ وَلِلْوُفُودِ» إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُكْتَفَى بِمَا دُونَ ذَلِكَ فِي الْمُعْتَادِ مِنْهُ لُبْسُهُ عَلَى مَا رُوِيَ «أَنَّ ثَوْبَ مِهْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ كَأَنَّهُ ثَوْبُ دَهَّانٍ»، وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَسَرَّى بِجَارِيَةٍ حَسْنَاءَ فَإِنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْحَرَائِرِ تَسَرَّى حَتَّى اسْتَوْلَدَ مَارِيَةَ أُمَّ إبْرَاهِيمَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -» وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْحَرَائِرِ كَانَ تَسَرَّى حَتَّى اسْتَوْلَدَ أُمَّ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ} [الأعراف: 32] الْآيَةَ

وَقَالَ: وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ قَنَعُوا بِمَا دُونَ ذَلِكَ وَعَمَدُوا إلَى الْفُضُولِ فَقَدَّمُوهَا لِآخِرَتِهِمْ كَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَإِنَّهُ كَانَ يَتَعَلَّقُ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ وَيُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ، أَلَا مَنْ قَدْ عَرَفَنِي، فَقَدْ عَرَفَنِي، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا أَبُو ذَرٍّ جُنْدُبُ بْنُ جُنَادَةَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا أَرَادَ سَفَرًا اسْتَعَدَّ لِسَفَرِهِ فَمَا لَكُمْ لَا تَسْتَعِدُّونَ لِسَفَرِ الْآخِرَةِ وَأَنْتُمْ تَتَيَقَّنُونَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَكُمْ مِنْهُ، أَلَا وَمَنْ أَرَادَ سَفَرًا فِي الدُّنْيَا فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ تَمَكَّنَ وَإِنْ طَلَبَ الْقَرْضَ وَجَدَ، وَإِنْ اسْتَوْهَبَ رُبَّمَا يُوهَبُ لَهُ، وَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي سَفَرِ الْآخِرَةِ وَسُئِلَ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا لَنَا نَتَيَقَّنُ بِالْمَوْتِ وَلَا نُحِبُّهُ؟ فَقَالَ: إنَّكُمْ أَحْبَبْتُمْ الدُّنْيَا فَكَرِهْتُمْ أَنْ تَجْعَلُوهَا خَلْفَكُمْ، وَلَوْ قَدَّمْتُمْ مَحْبُوبَكُمْ لَأَحْبَبْتُمْ اللُّحُوقَ بِهِ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَكْتَفِيَ مِنْ الدُّنْيَا بِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَيُقَدِّمَ لِآخِرَتِهِ مَا هُوَ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا اكْتَسَبَهُ، وَلَكِنَّهُ لَوْ اسْتَمْتَعَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا بَعْدَ مَا اكْتَسَبَهُ مِنْ حِلِّهِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ وَالْقَوْلُ بِتَأْثِيمِ مَنْ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ مِمَّا اكْتَسَبَهُ مِنْ حِلِّهِ وَأَدَّى حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ غَيْرُ سَدِيدٍ إلَّا أَنَّ أَفْضَلَ الطَّرِيقِ طَرِيقُ الْمُرْسَلِينَ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست