responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 275
الصَّدَقَةِ مَعْنَى التَّطْهِيرِ وَالتَّنْزِيهِ، وَفِي الْأَخْذِ تَلْوِيثٌ، وَقَدْ سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّدَقَةَ أَوْسَاخَ النَّاسِ وَسَمَّاهَا غُسَالَةً فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِهَ لَكُمْ غُسَالَةَ النَّاسِ» يَعْنِي الصَّدَقَةَ وَيَدُلُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُبَاشِرُ الْإِعْطَاءَ بِنَفْسِهِ وَكَانَ أَخْذُ الصَّدَقَةِ لِنَفْسِهِ حَرَامًا عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمُحَمَّدٍ وَلِآلِ مُحَمَّدٍ» وَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَا كَانَ يَحِلُّ أَخْذَ الصَّدَقَةِ لِسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَلَكِنَّهَا كَانَتْ تَحِلُّ لِقَرَابَتِهِمْ ثُمَّ إنَّ اللَّهَ أَكْرَمَ نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ حَرَّمَ الصَّدَقَةَ عَلَى قَرَابَتِهِ إظْهَارًا لِفَضْلِهِ لِتَكُونَ دَرَجَتُهُمْ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَدَرَجَةِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَقِيلَ بَلْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ تَحِلُّ لِسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَهَذِهِ خُصُوصِيَّةٌ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَيْفَمَا كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ مَعْنَى الْكَرَامَةِ وَالْخُصُوصِيَّةِ لَهُ، فَلَوْ كَانَ الْأَخْذُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِعْطَاءِ بِحَالٍ لَمَا كَانَ فِي تَحْرِيمِ الْأَخْذِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ مَعْنَى الْخُصُوصِيَّةِ وَالْكَرَامَةِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّرْعَ نَدَبَ كُلَّ أَحَدٍ إلَى التَّصَدُّقِ وَنَدَبَ كُلَّ أَحَدٍ إلَى التَّحَرُّزِ عَنْ السُّؤَالِ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِثَوْبَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تَسْأَلْ النَّاسَ شَيْئًا أَعْطَوْك أَوْ مَنَعُوك»، «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إيَّاكَ أَنْ تَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا أَعْطَاك أَوْ مَنَعَك فَكَانَ بَعْدَ مَا سَمِعَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ لَا يَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا، وَلَا يَأْخُذُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا حَتَّى كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَعْرِضُ عَلَيْهِ نَصِيبَهُ مِمَّا يُعْطِي فَكَانَ لَا يَأْخُذُ وَيَقُولُ لَسْت آخُذُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا بَعْدَ مَا قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَا قَالَ وَكَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُشْهِدُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَشْهَدْتُكُمْ عَلَيْهِ أَنِّي عَرَضْت عَلَيْهِ حَقَّهُ، وَهُوَ يَأْبَى» وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِعْطَاءَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَخْذِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَحْسَبُهُمْ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنْ التَّعَفُّفِ} [البقرة: 273] الْآيَةَ يَعْنِي مِنْ التَّعَفُّفِ عَنْ السُّؤَالِ وَالْأَخْذِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ، وَمَنْ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابًا مِنْ الْفَقْرِ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَبْعِينَ بَابًا مِنْ الْفَقْرِ»، فَإِذَا كَانَ التَّعَفُّفُ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ الْأَخْذِ كَانَ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْأَخْذِ تَرْكُ التَّعَفُّفِ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةِ، فَلِهَذَا كَانَ الْمُعْطِي أَفْضَلَ مِنْ الْآخِذِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ

(قَالَ وَكُلُّ مَا كَانَ الْأَكْلُ فِيهِ فَرْضًا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُثَابًا عَلَى الْآكِلِ؛ لِأَنَّهُ تَمَثَّلَ بِهِ الْأَمْرَ فَيَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى أَدَاءِ الْفَرَائِضِ مِنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ) فَيَقُولُ لِلَّذِي لَهُ السَّعْيُ لِأَدَاءِ الْجُمُعَةِ وَالطَّهَارَةُ لِأَدَاءِ الصَّلَاةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُؤْجَرُ الْمُؤْمِنُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي مُبَاضَعَتِهِ أَهْلَهُ فَقِيلَ إنَّهُ يَقْضِي شَهْوَتَهُ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 275
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست