responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 271
يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ التَّجْوِيعِ كَانَ ذَلِكَ فَرْضًا

(قَالَ وَيُفْتَرَضُ عَلَى النَّاسِ إطْعَامُ الْمُحْتَاجِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَعْجِزُ فِيهِ عَنْ الْخُرُوجِ وَالطَّلَبِ) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى فُصُولٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُحْتَاجَ إذَا عَجَزَ عَنْ الْخُرُوجِ يُفْتَرَضُ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُطْعِمُهُ مِقْدَارَ مَا يَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الْخُرُوجِ وَأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَجَارُهُ إلَى جَنْبِهِ طَاوٍ حَتَّى إذَا مَاتَ، وَلَمْ يُطْعِمْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ يَعْلَمُ بِحَالِهِ اشْتَرَكُوا جَمِيعًا فِي الْمَأْثَمِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ جُوعًا بَيْنَ قَوْمٍ أَغْنِيَاءٍ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ»، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ بِحَالِهِ مَا يُعْطِيهِ، وَلَكِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى النَّاسِ فَيُخْبِرُ بِحَالِهِ لِيُوَاسُوهُ وَيُفْتَرَضُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ مَا يُزِيلُ ضَعْفَهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَالطَّاعَةُ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ فَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ اشْتَرَكُوا فِي الْمَأْثَمِ، وَإِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ، وَهُوَ نَظِيرُ الْأَسِيرِ، فَإِنَّ مَنْ وَقَعَ أَسِيرًا فِي يَدِ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَقَصَدُوا قَتْلَهُ يُفْتَرَضُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَعْلَمُ بِحَالِهِ أَنْ يَفْدِيَهُ بِمَالِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا أَخْبَرَ بِهِ غَيْرَهُ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَإِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ بِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى، فَإِنَّ الْجُوعَ الَّذِي هَاجَ مِنْ طَبْعِهِ عَدُوٌّ يُخَافُ الْهَلَاكُ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدُوِّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ.
فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُحْتَاجُ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْخُرُوجِ وَلَكِنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لِيُعْلَمَ بِحَالِهِ، وَمَنْ عَلِمَ بِحَالِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فَلْيُؤَدِّهِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَدَ لِمَا اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ مَصْرِفًا وَمُسْتَحَقًّا فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُسْقِطَ الْفَرْضَ عَنْ نَفْسِهِ بِالصَّرْفِ إلَيْهِ حَتْمًا؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ يُنْدَبُ إلَى الْإِحْسَانِ إلَيْهِ إنْ كَانَ قَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ الْفَرَائِضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحْسِنُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] وَلَمَّا «، سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ قَالَ إفْشَاءُ السَّلَامِ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» فَإِنْ كَانَ الْمُحْتَاجُ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ وَهُوَ غَنِيٌّ عَمَّا يَسْأَلُ كَانَتْ مَسْأَلَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُدُوشًا أَوْ خُمُوشًا أَوْ كُدُوحًا فِي وَجْهِهِ» وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُفَرِّقُ الصَّدَقَاتِ فَأَتَاهُ رَجُلَانِ يَسْأَلَانِهِ مِنْ ذَلِكَ فَرَفَعَ بَصَرَهُ إلَيْهِمَا فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ قَالَ: أَمَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لَكُمَا فِيهِ، وَإِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا» مَعْنَاهُ لَا حَقَّ لَهُمَا فِي السُّؤَالِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» يَعْنِي لَا يَحِلُّ السُّؤَالُ لِلْقَوِيِّ الْقَادِرِ عَلَى التَّكَسُّبِ وَقَالَ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 271
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست