responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 269
وَالْأَوْقَاتِ وَالْجُمَعِ لِمَا رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ كَانَ لَهُ جُبَّةٌ أَهْدَاهَا إلَيْهِ الْمُقَوْقَسُ فَكَانَ يَلْبَسُهَا فِي الْأَعْيَادِ وَالْجُمَعِ وَلِلْوُفُودِ يَنْزِلُونَ إلَيْهِ» وَرُوِيَ أَنَّهُ «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَاءٌ مَكْفُوفٌ بِالْحَرِيرِ وَكَانَ يَلْبَسُ ذَلِكَ فِي الْأَعْيَادِ وَالْجُمَعِ»، وَلِأَنَّ فِي لُبْسِ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ إظْهَارَ النِّعْمَةِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَهَا عَلَيْهِ»، وَفِي التَّكَلُّفِ لِذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ مَعْنَى الصَّلَفِ وَرُبَّمَا يَغِيظُ ذَلِكَ الْمُحْتَاجِينَ وَالتَّحَرُّزُ عَنْ ذَلِكَ أَوْلَى وَكَذَا فِي زَمَانِ الشِّتَاءِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُظَاهِرَ بَيْنَ جُبَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ إذَا كَانَ يَكْفِيهِ لِدَفْعِ الْبَرْدِ جُبَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَغِيظُ الْمُحْتَاجِينَ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ اكْتِسَابِ سَبَبٍ يُؤْذِي غَيْرَهُ وَمَقْصُودُهُ يَحْصُلُ بِمَا دُونَ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْخَشِنَ مِنْ الثِّيَابِ لِلُّبْسِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ لَا يَلْبَسُ إلَّا الْخَشِنَ مِنْ الثِّيَابِ فَإِنْ لَبِسَ الْخَشِنَ فِي زَمَانِ الشِّتَاءِ وَاللِّينَ فِي زَمَانِ الصَّيْفِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، الْخَشِنُ يَدْفَعُ مِنْ الْبَرْدِ مَا لَا يَدْفَعُهُ اللِّينُ، فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ فِي زَمَانِ الشِّتَاءِ وَاللِّينُ مُنَشِّفٌ مِنْ الْعَرَقِ مَا لَا يُنَشِّفُهُ الْخَشِنُ، فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ فِي زَمَانِ الصَّيْفِ، وَإِنْ لَبِسَ اللِّينَ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَذَلِكَ وَاسِعٌ لَهُ أَيْضًا إذَا كَانَ اكْتَسَبَهُ مِنْ حِلِّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ} [الأعراف: 32] الْآيَةَ.
وَكَمَا يُنْدَبُ إلَى مَا بَيَّنَّا فِي طَعَامِ نَفْسِهِ وَكِسْوَتِهِ فَكَذَلِكَ فِي طَعَامِ عِيَالِهِ وَكِسْوَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ بِالْمَعْرُوفِ وَالْمَعْرُوفُ مَا يَكُونُ دُونَ السَّرَفِ وَفَوْقَ التَّقْتِيرِ حَتَّى قَالُوا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُكَلَّفَ تَحْصِيلَ جَمِيعِ شَهَوَاتِ عِيَالِهِ، وَلَا أَنْ يَمْنَعَهَا جَمِيعَ شَهَوَاتِهَا، وَلَكِنَّ إنْفَاقَهُ بَيْنَ ذَلِكَ فَإِنَّ خَيْرَ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَدِيمَ الشِّبَعَ مِنْ الطَّعَامِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ مَا اخْتَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيَّنَهُ فِي قَوْلِهِ «أَجُوعُ يَوْمًا وَأَشْبَعُ يَوْمًا» «وَكَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تَبْكِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قُبِضَ وَتَقُولُ يَا مَنْ لَمْ يَلْبَسْ الْحَرِيرَ، وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ» «وَكَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تَقُولُ رُبَّمَا يَأْتِي عَلَيْنَا الشَّهْرُ أَوْ أَكْثَرُ لَا نُوقِدُ فِي بُيُوتِنَا نَارًا، وَإِنَّمَا هُوَ الْأَسْوَدَانِ الْمَاءُ وَالتَّمْرُ»، وَقَدْ رَوَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَطْوَلُ النَّاسِ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا»، فَلِهَذَا كَانَ التَّحَرُّزُ عَنْ اسْتِدَامَةِ الشِّبَعِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ أَوْلَى

(قَالَ وَلَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَدَعَ الْأَكْلَ حَتَّى يَصِيرَ بِحَيْثُ لَا يَنْتَفِعُ بِنَفْسِهِ) يَعْنِي حَتَّى يَنْتَهِيَ بِهِ الْجُوعُ إلَى حَالٍ تَضُرُّهُ وَتُفْسِدُ مَعِدَتَهُ بِأَنْ تَحْتَرِقَ فَلَا يَنْتَفِعَ بِالْأَكْلِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّهَاوُنَ عِنْدَ الْحَاجَةِ حَقٌّ قَبْلَهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ «نَفْسُك مَطِيَّتُك فَارْفُقْ بِهَا، وَلَا تُجِعْهَا» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 269
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست