responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 263
كَانُوا مُشْتَرَكِينَ فِي الْمَأْثَمِ كَالْجِهَادِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ إعْلَاءُ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِعْزَازُ الدِّينِ، فَإِذَا حَصَلَ هَذَا الْمَقْصُودُ مِنْ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ، وَإِذَا قَعَدَ الْكُلُّ عَنْ الْجِهَادِ حَتَّى اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَى بَعْضِ الثُّغُورِ اشْتَرَكَ الْمُسْلِمُونَ فِي الْمَأْثَمِ بِذَلِكَ وَكَذَا غُسْلُ الْمَيِّتِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَالدَّفْنُ كُلُّ ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ، وَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى ضَاعَ مَيِّتٌ بَيْنَ قَوْمٍ مَعَ عِلْمِهِمْ بِحَالِهِ كَانُوا مُشْتَرَكِينَ فِي الْمَأْثَمِ فَأَدَاءُ الْعِلْمِ إلَى النَّاسِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ إحْيَاءُ الشَّرِيعَةِ وَكَوْنُ الْعِلْمِ مَحْفُوظًا بَيْنَ النَّاسِ بِأَدَاءِ الْبَعْضِ، وَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى انْدَرَسَ شَيْءٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَانُوا مُشْتَرَكِينَ فِي الْمَأْثَمِ

(قَالَ وَمَا رَغَّبَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْفَضَائِلِ فَأَدَاؤُهُ إلَى النَّاسِ فَرِيضَةٌ) وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مُبَاشَرَةَ فِعْلِ التَّطَوُّعَاتِ وَمَا نَدَبَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بِفَرْضٍ، وَلَا إثْمَ عَلَى مَنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ أَدَاءَ ذَلِكَ إلَى النَّاسِ فَرِيضَةٌ حَتَّى إذَا اجْتَمَعَ أَهْلُ زَمَانٍ عَلَى تَرْكِ نَفْلٍ كَانُوا تَارِكِينَ لِفَرِيضَةٍ مُشْتَرَكِينَ فِي الْمَأْثَمِ؛ لِأَنَّ بِتَرْكِ النَّفْلِ يَنْدَرِسُ شَيْءٌ مِنْ الشَّرِيعَةِ وَلَيْسَ فِي تَرْكِ الْأَدَاءِ مَعْنَى الِانْدِرَاسِ وَنَظِيرُ هَذَا أَنَّ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ صَلَّى التَّطَوُّعَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ كَانَ آثِمًا مُعَاتَبًا؛ لِأَنَّ فِي الْأَدَاءِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ تَغْيِيرَ حُكْمِ الشَّرْعِ وَلَيْسَ فِي تَرْكِ الْأَدَاءِ تَغْيِيرُ حُكْمِ الشَّرْعِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّطَوُّعَاتِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ قَطْعُ طَمَعِ الشَّيْطَانِ عَنْ وَسْوَسَتِهِ بِأَنْ يَقُولَ إذَا كَانَ هَذَا الْعَبْدُ يُؤَدِّي مَا لَيْسَ عَلَيْهِ كَيْفَ يَتْرُكُ أَدَاءَ مَا هُوَ عَلَيْهِ فَيَنْقَطِعُ طَمَعُهُ عَنْ وَسْوَسَتِهِ بِهَذَا، وَهُوَ جَبْرٌ لِنُقْصَانِ الْفَرَائِضِ عَلَى مَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا تَمَكَّنَ فِي فَرِيضَةِ الْعَبْدِ نُقْصَانٌ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ اجْعَلُوا نَوَافِلَ عَبْدِي جَبْرًا لِنُقْصَانِ فَرِيضَتِهِ»، وَإِذَا كَانَ فِي التَّطَوُّعِ هَذَا الْمَقْصُودُ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْبَيَانِ فِيهِ حَتَّى يَنْدَرِسَ فَيَفُوتَ هَذَا الْمَقْصُودُ أَصْلًا فَعَرَفْنَا أَنَّ أَدَاءَهُ إلَى النَّاسِ فَرِيضَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبَاشَرَةُ فِعْلِهِ فَرِيضَةً

(قَالَ وَلَيْسَ يَجِبُ عَلَى الْفَقِيهِ أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ إلَّا لِغَائِبٍ حَضَرَ خُرُوجَهُ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ فِي أَهْلِ مِصْرِهِ) يَعْنِي بِهَذَا أَنَّ أَصْلَ الْبَيَانِ وَاجِبٌ، وَلَكِنَّ الْوَقْتَ مُوَسَّعٌ، وَإِنَّمَا يَتَضَيَّقُ عِنْدَ خَوْفِ الْفَوْتِ كَمَا بَيَّنَّا فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَلَّذِي أَتَاهُ كَانَ قَصْدُهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْهُ مَا لَمْ يَشْتَهِرْ فِي مِصْرِهِ مِمَّا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلنَّاسِ حَتَّى يُفْتِيَهُمْ بِذَلِكَ إذَا رَجَعَ إلَيْهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ} [التوبة: 122] الْآيَةَ فَمَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى الرُّجُوعِ كَانَ الْوَقْتُ فِي التَّعْلِيمِ وَاسِعًا عَلَى الْمُعَلِّمِ، وَإِذَا عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ، فَقَدْ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 30  صفحه : 263
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست