responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 3  صفحه : 60
بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، وَالثَّانِي أَنَّ مَعَ اسْتِحْقَاقِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ بَقِيَتْ مَنَافِعُهُ مَمْلُوكَةٌ لَهُ فَإِنَّ مَعْنَى الْعِبَادَةِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِفِعْلٍ يُبَاشِرُهُ عَنْ اخْتِيَارٍ وَيَصْرِفُ إلَيْهِ مَا هُوَ مَمْلُوكٌ لَهُ، وَصَرْفُ مَنَافِعِهِ الْمَمْلُوكَةِ إلَى مَا هُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ مُخْتَارًا فِيهِ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ قَصْدٍ وَعَزِيمَةٍ، وَفِي مَسْأَلَةِ هِبَةِ النِّصَابِ مَعْنَى الْقَصْدِ وَالْعَزِيمَةِ حَصَلَ بِاخْتِيَارِ الْمَحَلِّ وَمَعْنَى الْعَزِيمَةِ حَصَلَ لِحَاجَةِ الْمَحَلِّ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ وَهَبَ لِفَقِيرٍ شَيْئًا لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ الثَّوَابُ وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُنْكِرُ هَذَا الْمَذْهَبِ لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَقُولُ الْمَذْهَبُ عِنْدَهُ أَنَّ صَوْمَ جَمِيعِ الشَّهْرِ يَتَأَدَّى بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَحُجَّتُهُمَا أَنَّ صَوْمَ الشَّهْرِ فِي مَعْنَى عِبَادَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ سَبَبَهَا وَاحِدٌ، وَهُوَ شُهُودُ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ وَالشُّرُوعُ فِيهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَالْخُرُوجُ مِنْهَا كَذَلِكَ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ رَكَعَاتِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ.
(وَلَنَا) أَنَّ صَوْمَ كُلِّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ عَلَى حِدَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّ فَسَادَ الْبَعْضِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ مَا بَقِيَ وَأَنَّهُ يَتَخَلَّلُ بَيْنَ الْأَيَّامِ زَمَانٌ لَا يَقْبَلُ الصَّوْمَ، وَهُوَ اللَّيْلُ، وَإِنْ انْعَدَمَتْ الْأَهْلِيَّةُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ لَا يَمْنَعُ تَقَرُّرَ الْأَهْلِيَّةِ فِيمَا بَقِيَ فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ صَلَوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَيَسْتَدْعِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِيَّةً عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ إنْ أَطْلَقَ نِيَّةَ الصَّوْمِ، أَوْ نَوَى النَّفَلَ فَهُوَ صَائِمٌ عَنْ الْفَرْضِ عِنْدَنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ فَنَوَى النَّفَلَ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ جَازَ صَوْمُهُ عَنْ النَّفْلِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ بِأَدَاءِ الْفَرْضِ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ جَازَ صَوْمُهُ عَنْ الْفَرْضِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ كَانَ إلَى أَدَاءِ النَّفْلِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَهُوَ كَنِيَّةِ أَدَاءِ الصَّوْمِ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّهُ لَغْوٌ لِكَوْنِهِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِيهِ. وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إنَّ صِفَةَ الْفَرِيضَةِ قُرْبَةٌ كَأَصْلِ الصَّوْمِ فَكَمَا لَا يَتَأَدَّى أَصْلُ الصَّوْمِ إلَّا بِالنِّيَّةِ فَكَذَلِكَ الصِّفَةُ وَبِانْعِدَامِ الصِّفَةِ يَنْعَدِمُ الصَّوْمُ ضَرُورَةً وَعَلَى هَذَا إذَا أَطْلَقَ النِّيَّةَ لَا يَجُوزُ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّ بِنِيَّةِ النَّفْلِ صَارَ مُعْرِضًا عَنْ الْفَرْضِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُغَايِرَةِ فَصَارَ كَإِعْرَاضِهِ بِتَرْكِ النِّيَّةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ نَاوِيًا لِلصَّوْمِ الْمَشْرُوعِ فِي هَذَا الْوَقْتِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقِدَ فِي الْمَشْرُوعِ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَنَّهُ نَفْلٌ يَكْفُرُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَا صَارَ مُعْرِضًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ.
(وَلَنَا) حَدِيثُ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا كَانَ يَصُومَانِ يَوْمَ الشَّكِّ وَكَانَا يَقُولَانِ، لَأَنْ نَصُومَ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ أَنْ نُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ وَإِنَّمَا كَانَا يَصُومَانِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 3  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست