responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 3  صفحه : 12
اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ التَّصَدُّقِ عَلَى زَوْجِهَا فَقَالَ: يَجُوزُ وَلَك أَجْرَانِ أَجْرُ الصَّدَقَةِ وَأَجْرُ الصِّلَةِ»؛ وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلزَّوْجَةِ فِي مَالِ زَوْجِهَا فَيَتِمُّ الْإِيتَاءُ كَمَا يَتِمُّ بِالصَّرْفِ إلَى الْإِخْوَةِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ يَصْرِفُ إلَى زَوْجَتِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لِزَوْجَتِهِ أَصْلُ الْوِلَادِ، ثُمَّ مَا يَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ يُمْنَعُ صَرْفُ زَكَاةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى صَاحِبِهِ فَكَذَلِكَ الْأَصْلُ. أَلَا تَرَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَّهَمٌ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرِثُ صَاحِبَهُ مِنْ غَيْرِ حَجْبٍ كَمَا بِالْوِلَادِ وَحَدِيثُ زَيْنَبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَحْمُولٌ عَلَى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ امْرَأَةً ضَيِّقَةَ الْيَدِ تَعْمَلُ لِلنَّاسِ وَتَتَصَدَّقُ مِنْ ذَلِكَ وَبِهِ نَقُولُ أَنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى صَاحِبِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى غَنِيًّا، أَوْ وَلَدًا صَغِيرًا لِغِنًى مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَصْرِفَ الصَّدَقَاتِ الْفُقَرَاءُ بِالنَّصِّ فَإِنْ صَرَفَ إلَى زَوْجَةِ غَنِيٍّ وَهِيَ فَقِيرَةٌ، أَوْ إلَى بِنْتٍ بَالِغَةٍ لِغِنًى، وَهِيَ فَقِيرَةٌ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ صَرَفَهَا إلَى الْفَقِيرِ وَاسْتِحْقَاقُهَا النَّفَقَةَ عَلَى الْغِنَى لَا يُخْرِجُهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مَصْرِفًا كَأُخْتٍ فَقِيرَةٍ لِغَنِيٍّ فُرِضَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا مَكْفِيَّةُ الْمُؤْنَةِ بِاسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ عَلَى الْغَنِيِّ بِالْإِنْفَاقِ فَهُوَ نَظِيرُ وَلَدٍ صَغِيرٍ لِغَنِيٍّ وَكَذَلِكَ لَوْ صَرَفَهَا إلَى هَاشِمِيٍّ أَوْ مَوْلًى هَاشِمِيٍّ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِحَالِهِ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمُحَمَّدٍ، وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعْمَلَ الْأَرْقَمَ بْنَ أَبِي الْأَرْقَمِ عَلَى الصَّدَقَاتِ فَاسْتَتْبَعَ أَبَا رَافِعٍ فَجَاءَ مَعَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا أَبَا رَافِعٍ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِهَ لِبَنِي هَاشِمٍ غُسَالَةِ النَّاسِ، وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ».
وَهَذَا فِي الْوَاجِبَاتِ فَأَمَّا فِي التَّطَوُّعَاتِ وَالْأَوْقَافِ فَيَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ وَذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي النَّوَادِرِ؛ لِأَنَّ فِي الْوَاجِبِ الْمُؤَدِّي يُطَهِّرُ نَفْسَهُ بِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ فَيَتَدَنَّسُ الْمُؤَدَّى بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَفِي النَّفْلِ يَتَبَرَّعُ بِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ فَلَا يَتَدَنَّسُ بِهِ الْمُؤَدَّى كَمَنْ تَبَرَّدَ بِالْمَاءِ فَإِنْ أَعْطَاهُ غَنِيًّا، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِحَالِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِي إنْ وَقَعَ عِنْدَهُ أَنَّهُ فَقِيرٌ، أَوْ سَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ، أَوْ كَانَ جَالِسًا مَعَ الْفُقَرَاءِ، أَوْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْفُقَرَاءِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَنِيٌّ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ ظَهَرَ لَهُ بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّ الْمَصْرِفَ فِي الصَّدَقَاتِ الْفُقَرَاءُ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ فَلَا يُجْزِئُهُ كَمَنْ تَوَضَّأَ بِالْمَاءِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ نَجِسٌ، أَوْ قَضَى الْقَاضِي فِي حَادِثَةٍ بِاجْتِهَادٍ، ثُمَّ ظَهَرَ نَصٌّ بِخِلَافِهِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 3  صفحه : 12
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست