responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 3  صفحه : 117
فَصَارَ الشَّرْطُ بِهِ مَوْجُودًا كَمَا أَنَّ مِنْ شَرْطِ الصَّلَاةِ أَنْ يَقُومَ إلَيْهَا طَاهِرًا، وَذَلِكَ يَحْصُلُ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَحَدِيثُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - دَلِيلُنَا فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: «اعْتَكَفَ وَصُمْ» وَبِلَفْظِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبَيَّنَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الرِّوَايَةِ إنِّي نَذَرْت أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا.

فَأَمَّا التَّطَوُّعُ مِنْ الِاعْتِكَافِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَكُونُ إلَّا بِصَوْمٍ وَلَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ فَجُعِلَ الصَّوْمُ لِلِاعْتِكَافِ كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجُوزُ التَّنَفُّلُ بِالِاعْتِكَافِ مِنْ غَيْرِ صَوْمٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ: إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِنِيَّةِ الِاعْتِكَافِ فَهُوَ مُعْتَكِفٌ مَا أَقَامَ تَارِكٌ لَهُ إذَا خَرَجَ وَهَذَا؛ لِأَنَّ مَبْنَى النَّفْلِ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ وَالْمُسَامَحَةِ حَتَّى تَجُوزَ صَلَاةُ النَّفْلِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَرَاكِبًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى النُّزُولِ وَالْوَاجِبُ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ.

(قَالَ): وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَّا لِجُمُعَةٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَمَّا الْخُرُوجُ لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَخْرُجُ مِنْ مُعْتَكِفِهِ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ»؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْحَاجَةِ مَعْلُومٌ وُقُوعُهَا فِي زَمَانِ الِاعْتِكَافِ، وَلَا يُمْكِنُ قَضَاؤُهَا فِي الْمَسْجِدِ فَالْخُرُوجُ لِأَجْلِهَا صَارَ مُسْتَثْنًى بِطَرِيقِ الْعَادَةِ وَكَانَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إذَا خَرَجَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفٍ فَإِنْ آوَاهُ سَقْفٌ غَيْرُ سَقْفِ الْمَسْجِدِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ، وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَدْخُلُ حُجْرَتَهُ إذَا خَرَجَ لِحَاجَةٍ» وَإِذَا خَرَجَ لِلْحَاجَةِ لَمْ يَمْكُثْ فِي مَنْزِلِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ لِلضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدَرِهَا وَأَمَّا إذَا خَرَجَ لِلْجُمُعَةِ فَلَا يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ فَإِنْ كَانَ اعْتِكَافُهُ دُونَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ اعْتَكَفَ فِي أَيْ مَسْجِدٍ شَاءَ، وَإِنْ كَانَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ اعْتَكَفَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ قَالَ: لِأَنَّ رُكْنَ الِاعْتِكَافِ هُوَ الْمَقَامُ وَالْخُرُوجُ ضِدُّهُ فَيَكُونُ مُفْسِدًا لَهُ إلَّا بِقَدْرِ مَا تَحَقَّقَتْ الضَّرُورَةُ فِيهِ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْجَامِعِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا الْخُرُوجِ فَهُوَ، وَالْخُرُوجُ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَتَشْيِيعِ الْجَنَائِزِ سَوَاءٌ.
(وَلَنَا) أَنَّ الْخُرُوجَ لِلْجُمُعَةِ مَعْلُومٌ وُقُوعُهُ فِي زَمَانِ الِاعْتِكَافِ فَصَارَ مُسْتَثْنًى مِنْ نَذْرِهِ كَالْخُرُوجِ لِلْحَاجَةِ وَالْخُرُوجُ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ وُقُوعُهُ فِي زَمَانِ الِاعْتِكَافِ لَا مَحَالَةَ وَهَذَا؛ لِأَنَّ النَّاذِرَ يَقْصِدُ الْتِزَامَ الْقُرْبَةِ لَا الْمَعْصِيَةَ وَالتَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ مَعْصِيَةٌ فَيُعْلَمُ يَقِينًا

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 3  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست