responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 26  صفحه : 88
وَلِهَذَا قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ بَدَلَ الْجَنِينِ يَكُونُ مَوْرُوثًا عَنْهُ لِوَرَثَتِهِ إلَّا أَنَّ الضَّارِبَ إنْ كَانَ أَبَاهُ لَمْ يَرِثْ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ.
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَكُونُ لِأُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَكُونُ مُؤَجَّلًا فِي سَنَةٍ، وَبَدَلُ الطَّرَفِ هُوَ الَّذِي يَتَأَجَّلُ فِي سَنَةٍ، وَأَمَّا بَدَلُ النَّفْسِ فَيَكُونُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ كَمَا لَوْ اشْتَرَكَ عِشْرُونَ رَجُلًا فِي قَتْلِ رَجُلٍ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ.
وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «دُوهُ» أَيْ أَدُّوا دِيَتَهُ فَقَدْ جَعَلَهُ فِي حُكْمِ النُّفُوسِ وَسُمِّيَ الْوَاجِبُ فِي بَدَلِهِ دِيَةً، وَهُوَ: اسْمٌ لِبَدَلِ النَّفْسِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ بَدَلَ الْجُزْءِ لَا يَجِبُ بِدُونِ بَقَاءِ النُّقْصَانِ حَتَّى لَوْ قَلَعَ سِنًّا فَنَبَتَ مَكَانَهُ سِنٌّ أُخْرَى لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، وَهَاهُنَا يَجِبُ بَدَلُ الْجَنِينِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأُمِّ نُقْصَانٌ دَلَّ أَنَّ وُجُوبَهُ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى النَّفْسِيَّةِ، وَبَدَلُ النَّفْسِ يَكُونُ مَوْرُوثًا عَنْ صَاحِبِهَا، وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ نَفْسٌ مُودَعَةٌ فِي الْأُمِّ حَتَّى تَنْفَصِلَ عَنْهَا حَيَّةً فَالْجِنَايَةُ عَلَيْهَا قَبْلَ الِانْفِصَالِ مُعْتَبَرَةٌ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا بَعْدَ الِانْفِصَالِ إلَّا أَنَّهُ مِنْ وَجْهِ نِسْبَةِ الْجُزْءِ فَلَا يَثْبُتُ مِنْ التَّأْجِيلِ فِيهِ الْقَدْرُ الْمُتَيَقَّنُ بِهِ، وَعَلَى الْأَصْلِ قُلْنَا لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الضَّارِبِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ بِهَا احْتِيَاطًا هَكَذَا نُقِلَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ النُّفُوسِ، وَإِتْلَافُ النَّفْسِ مُوجِبُ الْكَفَّارَةِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: هُوَ جُزْءٌ مِنْ وَجْهٍ، وَاعْتِبَارُ صِفَةِ الْجُزْئِيَّةِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ، وَمَعَ الشَّكِّ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ، وَلَكِنَّ اعْتِبَارَ مَعْنَى الْجُزْئِيَّةِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الضَّمَانِ فَأَوْجَبْنَا الضَّمَانَ، وَأَلْحَقْنَاهُ فِي ذَلِكَ بِالنُّفُوسِ ثُمَّ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِطَرِيقِ السُّكْرِ حَيْثُ سَلَّمَ الشَّرْعُ نَفْسَهُ لَهُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ الْقَوَدُ بِعُذْرِ الْخَطَأِ كَمَا بَيَّنَّا وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ هَاهُنَا فَإِتْلَافُ الْجَنِينِ لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ بِحَالٍ فَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَى شَيْءٍ فِي الْجَنِينِ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُهُ فِي حُكْمِ الْكَفَّارَةِ كَالنُّفُوسِ ثُمَّ يَقُولُ: الْبَدَلُ الْوَاجِبُ فِيهِ مُعْتَبَرٌ بِأُمِّهِ لَا بِنَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ الْوَاجِبُ عُشْرُ بَدَلِ الْأُمِّ، وَعِنْدَنَا هُوَ مُعْتَبَرٌ بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ فَالْوَاجِبُ عِنْدَنَا نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَعُشْرُ قِيمَتِهِ إنْ كَانَتْ أُنْثَى، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْوَاجِبُ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى قَالَ: لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الْبَدَلُ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْجُزْئِيَّةِ دُونَ النَّفْسِيَّةِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ يَتَنَصَّفُ بِالْأُنُوثَةِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ اعْتِبَارَ النَّفْسِيَّةِ فِي الْجَنِينِ لَيْسَ يُبْنَى عَلَى سَبَبٍ مَعْلُومٍ حَقِيقَةً فَلَا يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَذَلِكَ فِي حُكْمِ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْجُزْئِيَّةِ، فَأَمَّا فِي حُكْمِ الْبَدَلِ لَا ضَرُورَةَ فَإِيجَابُهُ مُمْكِنٌ بِاعْتِبَارِ الْجُزْئِيَّةِ، وَهِيَ مَعْلُومَةٌ حَقِيقَةً فَكَانَ الْوَاجِبُ عُشْرَ دِيَةِ الْأُمِّ إذَا ثَبَتَ هَذَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ فَكَذَلِكَ فِي جَنِينِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 26  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست