responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 26  صفحه : 85
انْتَقَصَتْ بِصِفَةِ الْأُنُوثَةِ؛ لِنُقْصَانِ دِينِ النِّسَاءِ كَمَا وَصَفَهُنَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ: «إنَّهُنَّ نَاقِصَاتُ عَقْلٍ وَدِينٍ» وَتَأْثِيرُ عَدَمِ الدَّيْنِ فَوْقَ تَأْثِيرِ نُقْصَانِ الدَّيْنِ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ بَدَلَ النَّفْسِ يُنْتَقَصُ بِالرِّقِّ، وَالرِّقُّ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْكُفْرِ، وَأَثَرُ الشَّيْءِ دُونَ أَصْلِهِ فَلَأَنْ يُنْتَقَصَ بِأَصْلِ الْكُفْرِ كَانَ أَوْلَى، وَيَتَفَاحَشُ النُّقْصَانُ إذَا انْضَمَّ إلَى كُفْرِهِ عَدَمُ الْكِتَابِ نِسْبَةً فَتَنَاهِي النُّقْصَانِ نِسْبَةً حَتَّى لَا يُوجِبَ إلَّا مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ.
وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92]، وَالْمُرَادُ مِنْهُ مَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ فِي قَتْلِ الْمُؤْمِنِ {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92]، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَى الْعَامِرَ بَيْنَ اللَّذَيْنِ قَتَلَهُمَا عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ وَكَانَا مُسْتَأْمَنَيْنِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدِيَةِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: دِيَةُ كُلِّ ذِي عَمْدٍ فِي عَمْدِهِ أَلْفُ دِينَارٍ» وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا قَالَا: دِيَةُ الذِّمِّيِّ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّمَا أَعْطَيْنَاهُمْ الذِّمَّةَ وَبَذَلُوا الْجِزْيَةَ؛ لِتَكُونَ دِمَاؤُهُمْ كَدِمَائِنَا، وَأَمْوَالُهُمْ كَأَمْوَالِنَا وَمَا نَقَلُوا فِيهِ مِنْ الْآثَارِ بِخِلَافِ هَذَا لَا يَكَادُ يَصِحُّ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَعْمَرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ دِيَةِ الذِّمِّيِّ فَقَالَ: مِثْلُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فَقُلْت: إنَّ سَعِيدًا يَرْوِي بِخِلَافِ ذَلِكَ قَالَ ارْجِعْ إلَى قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] فَهَذَا بَيَانُ أَنَّ الرِّوَايَةَ الشَّاذَّةَ لَا تُقْبَلُ فِيمَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ الْكِتَابِ.
ثُمَّ تَأْوِيلُهُ أَنَّهُ قَضَى بِثُلُثِ الدِّيَةِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَظَنَّ الرَّاوِي أَنَّ ذَلِكَ جَمِيعُ مَا قَضَى بِهِ وَعِنْدَ تَعَارُضِ الْأَخْبَارِ يَتَرَجَّحُ الْمُثْبِتُ لِلزِّيَادَةِ، وَقَوْلُهُ: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دِمَاءَ غَيْرِهِمْ لَا تُكَافِئُهُمْ فَتَخْصِيصُ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ مَا عَدَاهُ، وَالْمُرَادُ بِالْآثَارِ نَفْيُ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ دُونَ أَحْكَامِ الدُّنْيَا فَإِنَّا نَرَى الْمُسَاوَاةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِي بَعْضِ أَحْكَامِ الدُّنْيَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ الْخُلْفُ فِي خَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَالْكَلَامُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ يَسْتَوُونَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي صِفَةِ الْمَالِكِيَّةِ فَيَسْتَوُونَ بِهِمْ فِي الدِّيَةِ كَالْفُسَّاقِ مَعَ الْعُدُولِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ نُقْصَانَ الدِّيَةِ بِاعْتِبَارِ نُقْصَانِ الْمَالِكِيَّةِ وَلِهَذَا تَنَصَّفَتْ بِالْأُنُوثَةِ لِتَنَصُّفِ الْمَالِكِيَّةِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ أَهْلُ مِلْكِ الْمَالِ دُونَ مِلْكِ النِّكَاحِ، وَانْتَقَصَ عَنْ ذَلِكَ بِصِفَةِ الِاجْتِنَانِ فِي الْبَطْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْمَالِكِيَّةِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ عَرَضِيَّةٌ أَنْ يَصِيرَ أَهْلًا فِي الثَّانِي، وَانْتَقَصَ بِنُقْصَانِ الرِّقِّ بِخُرُوجِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِمَالِكِيَّةِ الْمَالِ وَمَالِكِيَّةِ النِّكَاحِ بِنَفْسِهِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ وُجُوبَ الدِّيَةِ لِإِظْهَارِ خَطَرِ الْمَحَلِّ وَصِيَانَتِهِ عَنْ الْهَدَرِ، وَهَذَا الْخَطَرُ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 26  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست