responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 26  صفحه : 181
النِّصْفُ قِصَاصًا، فَإِنْ كَانَ قَتَلَ بَعْدَ عَفْوِ أَخِيهِ، أَوْ صُلْحِهِ وَبَعْدَ مَا عَلِمَ بِأَنَّ الدَّمَ قَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ وَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ كَانَ انْقَلَبَ مَالًا لَوْ مَاتَ الْقَاتِلُ فَيُسْتَوْفَى مِنْ تَرِكَتِهِ فَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[بَابُ رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ الْقَتْلِ]
(قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِقَتْلٍ عَمْدًا وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، ثُمَّ رَجَعَا فَعَلَيْهِمَا الدِّيَةُ فِي مَالِهِمَا فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ، وَكَذَلِكَ إذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ قَالَ لِشَاهِدَيْ السَّرِقَةِ حِينَ رَجَعَا لَوْ عَلِمْت أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْت أَيْدِيَكُمَا، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُمَا بَاشَرَا قَتْلًا بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِأَنَّهُمَا أَلْجَآ الْقَاضِيَ إلَى الْقَضَاءِ بِالْقَتْلِ فَإِنَّهُ يَخَافُ الْعُقُوبَةَ إذَا امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَالْمُلْجِئُ مُبَاشِرٌ حُكْمًا فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَيْهِ كَالْمُكْرَهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ مُغَلَّظَةً فِي مَالِهِمَا عِنْدَكُمْ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِمُبَاشَرَةِ الْقَتْلِ.
وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ الشَّاهِدَ سَبَبٌ لِلْقَتْلِ، وَالسَّبَبُ لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ كَحَفْرِ الْبِئْرِ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْقِصَاصِ الْمُسَاوَاةُ وَلَا مُسَاوَاةَ بَيْنَ السَّبَبِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَبَيَانُ الْوَصْفِ أَنَّ الْمُبَاشِرَ هُوَ الْوَالِي، وَهُوَ طَائِعٌ مُخْتَارٌ فِي هَذِهِ الْمُبَاشَرَةِ فَعَرَفْنَا أَنَّ الشَّاهِدَ غَيْرُ مُبَاشِرٍ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَلَا مَعْنَى لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِلْجَاءِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَخَافُ الْعُقُوبَةَ فِي الْآخِرَةِ وَبِهِ لَا يَصِيرُ مَلْجَأً إلَى ذَلِكَ، بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ إلَى الْعَفْوِ شَرْعًا وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ مُغَلَّظَةً عَلَى الشُّهُودِ فَكُلُّ وَاحِدٍ يُقِيمُ الطَّاعَةَ خَوْفًا مِنْ الْعُقُوبَةِ عَلَى تَرْكِهَا وَلَا يَصِيرُ بِهِ مُكْرَهًا، ثُمَّ إنْ وُجِدَ هَذَا الْإِلْجَاءُ فِي حَقِّ الْقَاضِي فَبِمُجَرَّدِ الْقَضَاءِ مَا صَارَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ مَقْتُولًا، وَإِنَّمَا صَارَ مَقْتُولًا بِاسْتِيفَاءِ الْوَلِيِّ، وَهُوَ غَيْرُ مُلْجَأٍ إلَى ذَلِكَ، بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ إلَى الْعَفْوِ شَرْعًا وَلَا يُسَلَّمُ أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ مُغَلَّظَةً عَلَى الشُّهُودِ، بَلْ إنَّمَا تَجِبُ مُخَفَّفَةً بِمَنْزِلَةِ الْوَاجِبِ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ إلَّا أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْحَافِرِ الْبِئْرَ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِإِقْرَارِهِ وَإِقْرَارُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي حَقِّ الْعَاقِلَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ أَنَّ الشَّاهِدَ مُبَاشِرٌ حُكْمًا.
فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُبَاشِرَ حَقِيقَةً هَاهُنَا لَا يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ، وَهُوَ الْوَلِيُّ لِشُبْهَةِ قَضَاءِ الْقَاضِي، فَالْمُبَاشِرُ حُكْمًا أَوْلَى أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّهْدِيدِ، فَقَدْ صَحَّ مِنْ مَذْهَبِ عَلِيٍّ أَنَّ الْيَدَيْنِ لَا يُقْطَعَانِ وَاحِدَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي كِتَابِ الرُّجُوعِ، فَإِذَا لَمْ يَجِبْ الْقَوَدُ عَلَيْهِمَا كَانَ عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ إنْ رَجَعَا، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 26  صفحه : 181
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست