responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 26  صفحه : 122
[بَابُ الْقِصَاصِ]
قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ -) بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ» وَهَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى نَفْيِ وُجُوبِ الْقَوَدِ وَاسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ بِغَيْرِ السَّيْفِ، وَالْمُرَادُ بِالسَّيْفِ السِّلَاحُ هَكَذَا فَهِمَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مِنْ هَذَا اللَّفْظِ حَتَّى قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْعَمْدُ السِّلَاحُ وَقَالَ أَصْحَابُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا قَوَدَ إلَّا بِسِلَاحٍ، وَإِنَّمَا كَنَّى بِالسَّيْفِ عَنْ السِّلَاحِ؛ لِأَنَّ الْمُعَدَّ لِلْقِتَالِ عَلَى الْخُصُوصِ بَيْنَ الْأَسْلِحَةِ هُوَ السَّيْفُ فَإِنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ شَيْءٌ آخَرُ سِوَى الْقِتَالِ، وَقَدْ يُرَادُ بِسَائِرِ الْأَسْلِحَةِ مَنْفَعَةٌ أُخْرَى سِوَى الْقِتَالِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «بُعِثْت بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ» يَعْنِي السِّلَاحَ الَّذِي هُوَ آلَةُ الْقِتَالِ فَيَكُونُ دَلِيلًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْقَوَدَ لَا يَجِبُ إلَّا بِالسِّلَاحِ حَتَّى إذَا قَتَلَ إنْسَانًا بِحَجَرٍ كَبِيرٍ أَوْ خَشَبَةٍ عَظِيمَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {، وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا، فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33]، وَالْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ اسْتِيفَاءُ الْقَوَدِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ عَقَّبَهُ بِالنَّهْيِ عَنْ الْإِسْرَافِ فِي الْقَتْلِ، فَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الْآلَةِ جَارِحَةً زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ «يَهُودِيًّا رَضَخَ رَأْسَ جَارِيَةٍ عَلَى أَوْضَاحٍ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يُرْضَخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ»، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ عَمْدٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ قَتْلَهُ بِمَا لَا يُقْصَدُ بِهِ إلَّا الْقَتْلُ وَلَا يُعْرَفُ مَحْضُ الْعَمْدِ إلَّا بِهَذَا.
وَالْآلَةُ الْجَارِحَةُ إذَا حَصَلَ الْقَتْلُ بِهَا كَانَ عَمْدًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِعْلٌ مُزْهِقٌ لِلرُّوحِ وَمَا لَا تَلْبَثُ وَلَا تُطِيقُ النَّفْسُ احْتِمَالَهُ فِي كَوْنِهِ مُزْهِقًا لِلرُّوحِ أَبْلَغُ مِنْ الْفِعْلِ الْجَارِحِ؛ لِأَنَّ هَذَا مُزْهِقٌ لِلرُّوحِ بِنَفْسِهِ، وَالْفِعْلُ الْجَارِحُ مُزْهِقٌ لِلرُّوحِ بِوَاسِطَةِ الْجِرَاحَةِ، وَالْجُرْحُ وَسِيلَةٌ يُتَوَسَّلُ بِهَا إلَى إزْهَاقِ الرُّوحِ وَمَا يَكُونُ عَامِلًا بِنَفْسِهِ يَكُونُ أَبْلَغَ مِمَّا يَكُونُ عَامِلًا بِوَاسِطَةٍ، وَكَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْعُرْفُ فِي قَصْدِ النَّاسِ إلَى قَتْلِ أَعْدَائِهِمْ بِإِلْقَاءِ الْأُسْطُوَانَةِ، أَوْ رَفْعِ حَجَرِ الرَّحَى عَلَيْهِمْ يَكُونُ أَبْلَغَ مِنْ الْقَصْدِ إلَى ذَلِكَ بِالْجُرْحِ فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ، فَإِذَا جُعِلَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ فَهَذَا أَوْلَى وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ خَطَأٌ إلَّا السَّيْفَ وَفِي كُلِّ خَطَإٍ الدِّيَةُ» وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ «أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحِجَارَةِ فَقَضَى عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ»، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْآلَةَ لَا تَجْرَحُ وَلَا تَقْطَعُ، فَالْقَتْلُ بِهَا لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ كَالْقَتْلِ بِالْعَصَا الصَّغِيرَةِ وَتَحْقِيقُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا: أَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ يَخْتَصُّ بِقَتْلٍ هُوَ عَمْدٌ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 26  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست