responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 26  صفحه : 101
الْمَحَلَّانِ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فِي مَعْنَى نَفْسَيْنِ فَكَمَا أَنَّهُ إذَا قَطَعَ يَدَ إنْسَانٍ فَأَصَابَ السِّكِّينُ يَدَ آخَرَ فَقَطَعَ يَدَهُ يَجِبُ الْأَرْشُ لِلثَّانِي، وَالْقِصَاصُ لِلْأَوَّلِ فَهَذَا مِثْلُهُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: هَذِهِ جِنَايَةٌ وَسِرَايَتُهَا.
وَقَدْ تَعَذَّرَ إيجَابُ الْقِصَاصِ بِاعْتِبَارِ سِرَايَتِهَا فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهَا كَمَا لَوْ قَطَعَ مَفْصِلًا فَشُلَّتْ الْأُصْبُعُ؛ وَهَذَا لِأَنَّ السِّرَايَةَ أَثَرُ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ مَعَ أَصْلِ الْجِنَايَةِ فِي حُكْمِ فِعْلٍ وَاحِدٍ، فَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ سِرَايَتَانِ أَنَّ فِعْلَهُ أَثَّرَ فِي نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَالسِّرَايَةُ عِبَارَةٌ عَنْ آلَامٍ تَتَعَاقَبُ مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَى الْبَدَنِ، وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ فِي نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْهُمَا كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي الطَّرَفِ مَعَ أَصْلِ النَّفْسِ إذَا مَاتَ مِنْ الْجِنَايَةِ بِخِلَافِ النَّفْسَيْنِ فَإِنَّ الْفِعْلَ فِي النَّفْسِ الثَّانِيَةِ مُبَاشَرَةٌ عَلَى حِدَةٍ لَيْسَ بِسِرَايَةِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى إذْ لَا تُتَصَوَّرُ السِّرَايَةُ مِنْ نَفْسٍ إلَى نَفْسٍ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ فِعْلٍ عَلَى حِدَةٍ، وَهُوَ خَطَأٌ ثُمَّ يُعْتَبَرُ حُكْمُ كُلِّ فِعْلٍ بِنَفْسِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْفَعَةَ كُلِّ أُصْبُعٍ تَتَّصِلُ بِمَنْفَعَةِ الْأُخْرَى كَمَا أَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَصَابِعِ تَتَّصِلُ بِمَنْفَعَةِ الْكَفِّ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْيَدَيْنِ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ النَّفْسَيْنِ فَلَا اتِّصَالَ لِمَنْفَعَةِ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَوْ شَجَّهُ مُوضِحَةً عَمْدًا فَذَهَبَ مِنْ ذَلِكَ بَصَرُهُ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ فِي الْمُوضِحَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْأَرْشُ فِيهِمَا وَنُقِلَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ فِي الْمُوضِحَةِ، وَالدِّيَةَ فِي الْبَصَرِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا بَيَّنَّا.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْفَصْلِ أَنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ إذْهَابَ الْبَصَرِ عَمْدًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ سِرَايَةَ الْفِعْلِ لَا تُخَالِفُ أَصْلَ الْفِعْلِ فِي الصِّفَةِ بِخِلَافِ الشَّلَلِ فَإِنَّ الشَّلَلَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْقِصَاصِ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا مِنْهُ عَمْدًا فَقُطِعَتْ أُصْبُعٌ أُخْرَى يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهَا أَيْضًا بِخِلَافِ مَا إذَا شُلَّتْ أُخْرَى؛ لِأَنَّ فِي تَفْوِيتِ أَصْلِ الْأُصْبُعَيْنِ عَمْدًا الْقِصَاصَ، وَالسِّرَايَةَ بِصِفَةِ أَصْلِ الْفِعْلِ، وَلَيْسَ فِي تَفْوِيتِ الْمَنْفَعَةِ بِالشَّلَلِ قِصَاصٌ فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَقَعُ الْفَرْقُ وَلَوْ شَجَّهُ مُوضِحَةً فَصَارَتْ مُنَقِّلَةً أَوْ كَسَرَ بَعْضَ سِنِّهِ فَاسْوَدَّ مَا بَقِيَ أَوْ قَطَعَ الْكَفَّ فَشُلَّ السَّاعِدُ فَلَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ السِّرَايَةِ هَاهُنَا مُتَّصِلٌ بِمَحَلِّ الْجِنَايَةِ فَكَانَ الْفِعْلُ وَاحِدًا حَقِيقَةً وَحُكْمًا، وَبِاعْتِبَارِ مَا لَهُ يَتَعَذَّرُ إيجَابُ الْقِصَاصِ إذْ لَا قِصَاصَ فِي كَسْرِ الْعَظْمِ وَسَوَادِ السِّنِّ، وَالشَّلَلِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الْأَرْشُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَإِذَا شَجَّهُ مُنَقِّلَةً عَمْدًا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ غُلِّظَ عَلَيْهِ فِي الْأَسْنَانِ فَجُعِلَ عَلَيْهِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ أَرْبَاعًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.
وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فِي الْآمَّةِ وَغَيْرِهَا اعْتِبَارًا لِلْجُزْءِ بِالْكُلِّ فَإِنَّ صِفَةَ التَّغْلِيظِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 26  صفحه : 101
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست