responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 24  صفحه : 31
وَهِيَ آيَةٌ مِنْ الْفَاتِحَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ، وَالْقُرَّاءِ، فَخَجِلَ الْأَمِيرُ، وَجَعَلَ يَضْرِبُ الشُّرَطِيَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ، وَيَقُولُ لَهُ أَمَرْتُك أَنْ تَأْتِيَنِي بِسَكْرَانَ، فَجِئْتنِي بِمُقْرِئِ بَلْخِي.، وَإِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ بِالشُّرْبِ، وَهُوَ سَكْرَانُ حَبَسَهُ حَتَّى يَصْحُوَ؛ لِأَنَّ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ لَا يَتِمُّ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ فِي حَالِ سُكْرِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا، وَالْمَمْلُوكُ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْحَدِّ بِالشُّرْبِ كَالْحُرِّ إلَّا أَنَّ عَلَى الْمَمْلُوكِ نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {، فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ} [النساء: 25].

وَلَا حَدَّ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي شَيْءٍ مِنْ الشَّرَابِ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ إبَاحَةَ الشُّرْبِ، وَاعْتِقَادُ الْحُرْمَةِ شَرْطٌ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْحَدِّ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْحَدَّ مَشْرُوعٌ لِلزَّجْرِ عَنْ ارْتِكَابِ سَبَبِهِ، وَبِدُونِ اعْتِقَادِ الْحُرْمَةِ لَا يَتَحَقَّقُ هَذَا، ثُمَّ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ حُكْمَ الْخِطَابِ قَاصِرٌ عَنْهُمْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ، وَمَا يَعْتَقِدُونَ، وَلِهَذَا بَقِيَ الْخَمْرُ مَالًا مُتَقَوِّمًا فِي حَقِّهِمْ، وَلِهَذَا قُلْنَا: الْمَجُوسِيُّ إذَا تَزَوَّجَ أُمَّهُ، وَدَخَلَ بِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَدُّ، وَإِنْ كَانَ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِالزِّنَا.

وَلَا يُحَدُّ الْمُسْلِمُ بِوُجُودِ رِيحِ الْخَمْرِ مِنْهُ حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِشُرْبِهَا، أَوْ يُقِرَّ؛ لِأَنَّ رِيحَ الْخَمْرِ شَاهِدُ زُورٍ، فَقَدْ يُوجَدُ رِيحُ الْخَمْرِ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ، فَإِنَّ مَنْ اسْتَكْثَرَ مِنْ أَكْلِ السَّفَرْجَلِ يُوجَدُ مِنْهُ رِيحُ الْخَمْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ
يَقُولُونَ لِي أَنْتَ شَرِبْت مُدَامَةً ... فَقُلْت لَهُمْ لَا بَلْ أَكَلْت السَّفَرْجَلَا
، وَقَدْ تُوجَدُ رَائِحَةُ الْخَمْرِ مِمَّنْ شَرِبَهَا مُكْرَهًا، أَوْ مُضْطَرًّا لِدَفْعِ الْعَطَشِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَمَدَ رِيحُهَا فِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ.

وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ أَنَّهُ شَرِبَهَا، وَآخَرُ أَنَّهُ قَاءَهَا لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّ مَنْ شَرِبَهَا مُكْرَهًا، أَوْ مُضْطَرًّا قَدْ يَقِيءُ الْخَمْرَ، فَسَقَطَ اعْتِبَارُ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ عَلَى الشُّرْبِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَى الشُّرْبِ، وَالرِّيحُ مِنْهُ مَوْجُودٌ، فَاخْتَلَفَا فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الشُّرْبَ فُعِلَ، فَعِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْوَقْتِ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدًا بِفِعْلِ آخَرَ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَرِبَهَا، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِشُرْبِهَا، فَإِنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالشُّرْبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ ثُمَّ رَجَعَ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ قَدْ اخْتَلَفَتْ، فَأَحَدُهُمَا يَشْهَدُ بِالْفِعْلِ، وَالْآخَرُ بِالْقَوْلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَكْرَانُ مِنْ الْخَمْرِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ سَكْرَانُ مِنْ السُّكَّرِ، فَإِنَّمَا شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِفِعْلٍ آخَرَ، وَلَا يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِمَا يُرَى مِنْ سُكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ سَكْرَانَ مِنْ غَيْرِ الشُّرْبِ، أَوْ مِنْ الشُّرْبِ بِالْإِيجَارِ، أَوْ الْإِكْرَاهِ عَلَى الشُّرْبِ، أَوْ كَانَ شَرِبَ عَلَى قَصْدِ التَّدَاوِي، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْحَدِّ عَلَيْهِ.

وَلَا يُحَدُّ بِإِقْرَارِهِ فِي حَالِ سُكْرِهِ مِنْ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ السَّكْرَانَ لَا يَثْبُتُ عَلَى كَلَامٍ وَاحِدٍ، وَلَكِنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِالشَّيْءِ، وَبِضِدِّهِ، وَالْإِصْرَارُ عَلَى

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 24  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست