responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 24  صفحه : 157
بِطَرِيقِ التَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّ حَالَهُمَا دُونَ حَالِ الصَّبِيِّ فَالصَّبِيُّ عَدِيمُ الْعَقْلِ إلَى الْإِصَابَةِ عَادَةً، وَالْمَجْنُونُ عَدِيمُ الْعَقْلِ إلَى الْإِصَابَةِ عَادَةً، وَلِهَذَا جَازَ إعْتَاقُ الصَّبِيِّ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ دُونَ الْمَجْنُونِ، فَأَمَّا إذَا بَلَغَ عَاقِلًا، فَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْحَجْرُ عَلَى الْحُرِّ بَاطِلٌ، وَمُرَادُهُ إذَا بَلَغَ عَاقِلًا، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ الْحَجْرُ إلَّا عَلَى ثَلَاثَةٍ عَلَى الْمُفْتِي الْمَاجِنِ، وَعَلَى الْمُتَطَبِّبِ الْجَاهِلِ، وَعَلَى الْمُكَارِي الْمُفْلِسِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ الْفَاحِشِ إذَا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِمْ، فَالْمُفْتِي الْمَاجِنُ يُفْسِدُ عَلَى النَّاسِ دِينَهُمْ وَالْمُتَطَبِّبُ الْجَاهِلُ يُفْسِدُ أَبْدَانَهُمْ، وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسُ يُتْلِفُ أَمْوَالَهُمْ فَيَمْتَنِعُونَ مِنْ ذَلِكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ.
فَإِنَّ الْحَجْرَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْمَنْعُ وَالِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، وَرَأَى هَذَا فِي فَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْحَجْرُ عَلَى السَّفِيهِ الْمُبَذِّرِ، وَالْآخَرُ الْحَجْرُ عَلَى الْمَدْيُونِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ، وَالسَّفَهُ هُوَ الْعَمَلُ بِخِلَافِ مُوجِبِ الشَّرْعِ، وَهُوَ اتِّبَاعُ الْهَوَى، وَتَرْكُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ، وَالْحِجَى، وَأَصْلُ الْمُسَامَحَةِ فِي التَّصَرُّفَاتِ، وَالْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ شَرْعًا، وَلَكِنْ بِطَرِيقِ السَّفَهِ وَالتَّبْذِيرِ مَذْمُومٌ شَرْعًا وَعُرْفًا، وَلِهَذَا لَا تَنْعَدِمُ الْأَهْلِيَّةُ بِسَبَبِ السَّفَهِ، وَلَا يُجْعَلُ السَّفَهُ عُذْرًا فِي إسْقَاطِ الْخِطَابِ عَنْهُ بِشَيْءٍ مِنْ الشَّرَائِعِ، وَلَا فِي إهْدَارِ عِبَارَتِهِ فِيمَا يُقِرُّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْعُقُوبَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَجُوزُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ عَنْ التَّصَرُّفَاتِ بِسَبَبِ السَّفَهِ أَيْضًا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يَجُوزُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِهَذَا السَّبَبِ عَنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمُحْتَمَلَةِ لِلْفَسْخِ إلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا رَحِمَهُمَا اللَّهُ قَالَا أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ النَّظَرِ لَهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَى سَبِيلِ الزَّجْرِ، وَالْعُقُوبَةِ لَهُ، وَيَتَبَيَّنُ هَذَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِيمَا إذَا كَانَ مُفْسِدًا فِي دِينِهِ مُصْلِحًا فِي مَالِهِ كَالْفَاسِقِ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُحْجَرُ عَلَيْهِ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الْفَسَادِ بِطَرِيقِ الزَّجْرِ، وَالْعُقُوبَةِ، وَلِهَذَا لَمْ يُجْعَلْ الْفَاسِقُ أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ، وَعِنْدَهُمَا لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، فَالْفَاسِقُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى الْعُمُومِ، وَعَلَى غَيْرِهِ إذَا وُجِدَ شَرْطٌ، تُعَدَّى وِلَايَتُهُ لِغَيْرِهِ أَمَّا مَنْ جَوَّزَ الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ، فَقَدْ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا، أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282] وَهُوَ تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ إثْبَاتَ الْوِلَايَةِ عَلَى السَّفِيهِ، وَأَنَّهُ مُوَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ} [النساء: 5] إلَى أَنْ قَالَ {وَاكْسُوهُمْ} [النساء: 5] وَهَذَا أَيْضًا تَنْصِيصٌ عَلَى إثْبَاتِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ النَّظَرِ لَهُ، فَإِنَّ الْوَلِيَّ الَّذِي يُبَاشِرُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ مِنْهُ لَهُ وَرُوِيَ أَنَّ حِبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ الْأَنْصَارِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُغْبَنُ فِي الْبِيَاعَاتِ لِآمَّةٍ أَصَابَتْ رَأْسَهُ، فَسَأَلَ أَهْلُهُ رَسُولَ اللَّهِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 24  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست