responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 24  صفحه : 14
بِالزَّبَدِ، فَهُوَ حَرَامٌ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْآثَارِ فِيهِ، وَبَعْدَ الطَّبْخِ يَحِلُّ شُرْبُهُ، وَإِنْ اشْتَدَّ، وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ فِي التَّمْرِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ أَدْنَى الطَّبْخِ، وَهُوَ أَنْ يَنْضَجَ، وَفِي الزَّبِيبِ الْمُعَتَّقِ كَذَلِكَ، وَهُوَ أَنْ يُكْسَرَ بِشَيْءٍ ثُمَّ تُسْتَخْرَجَ حَلَاوَتُهُ بِالْمَاءِ كَمَا فِي التَّمْرِ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الطَّبْخُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ، وَيَبْقَى ثُلُثُهُ كَمَا فِي الْعَصِيرِ، وَالْوَجْهُ فِيهِ مَا حُكِيَ عَنْ السَّلَفِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أَنَّ مَا يَكُونُ مِنْهُ الْعَصِيرُ ابْتِدَاءً إذَا أُعِيدَ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ، فَحُكْمُ مَا يُعْصَرُ مِنْهُ حُكْمُ الْعَصِيرِ، وَمَا لَا يَكُونُ مِنْهُ الْعَصِيرُ فِي الِابْتِدَاءِ لَا يَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُ الْعَصِيرِ فِي الِانْتِهَاءِ، فَمَا يَسِيلُ مِنْ الرُّطَبِ فِي الِابْتِدَاءِ يَحِلُّ بِأَدْنَى الطَّبْخِ، فَكَذَلِكَ فِي الِانْتِهَاءِ، وَمَا يَسِيلُ مِنْ الْعِنَبِ فِي الِابْتِدَاءِ لَا يَحِلُّ مَا لَمْ يَذْهَبْ بِالطَّبْخِ ثُلُثَاهُ، فَكَذَلِكَ فِي الِانْتِهَاءِ، فَأَمَّا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، فَالزَّبِيبُ، وَالتَّمْرُ سَوَاءٌ، وَإِذَا طُبِخَ أَدْنَى طَبْخِهِ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ شُرْبُ الْقَلِيلِ مِنْهُ، وَإِنْ اشْتَدَّ؛ لِأَنَّ الْعَصِيرَ الَّذِي كَانَ فِي الْعِنَبِ قَدْ ذَهَبَ حِينَ زُبِّبَ، وَالزَّبِيبُ عَيْنٌ آخَرُ سِوَى الْعِنَبِ.
(أَلَا تَرَى) إنْ غَصَبَ عِنَبًا، فَجَعَلَهُ زَبِيبًا انْقَطَعَ حَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الِاسْتِرْدَادِ، فَإِذًا تُعْتَبَرُ حَالُهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَعَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ هُوَ وَالتَّمْرُ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ، ثُمَّ الَّتِي مِنْ نَبِيذِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ شُرْبُهُ، فَهُوَ لَيْسَ نَظِيرُ الْخَمْرِ فِي الْحُكْمِ حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ بِالشُّرْبِ مِنْهُ مَا لَمْ يُسْكِرْ، وَإِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْمُنَصَّفُ، وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ بِالطَّبْخِ نِصْفُهُ إذَا غَلَا، وَاشْتَدَّ لَا يَحِلُّ شُرْبُهُ، وَلَكِنْ يَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ شَرِبَ مِنْهُ مَا لَمْ يَسْكَرْ، وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا فَاحِشًا، وَفِي النَّادِقِ، وَهُوَ مَا طُبِخَ أَدْنَى طَبْخِهِ، وَكَانَ دُونَ النِّصْفِ، فَأَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُنَصَّفِ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ وَالْحَدِّ، وَعَنْهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ أُلْحِقَ بِالْخَمْرِ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَأَمَّا حُكْمُ النَّجَاسَةِ فِيهِ؛ فَلِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي حُرْمَتِهِ، وَيَتَحَقَّقُ فِيهِ مَعْنَى الْبَلْوَى أَيْضًا، وَبِاعْتِبَارِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ يَخِفُّ حُكْمُ النَّجَاسَةِ كَمَا فِي بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَأَمَّا فِي حُكْمِ الْحَدِّ، فَلِأَنَّ الْعُلَمَاءَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لَمَّا اخْتَلَفُوا فِي حُرْمَتِهِ، فَالِاخْتِلَافُ الْمُعْتَبَرُ يُورِثُ شُبْهَةً، وَالْحَدُّ مِمَّا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ.
وَأَمَّا حُكْمُ الْبَيْعِ، فَهُمَا يَقُولَانِ إنَّ عَيْنَهُ مُحَرَّمَةُ التَّنَاوُلِ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْخَمْرِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْمَالِيَّةِ، وَالتَّقَوُّمَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مُنْتَفَعًا بِهِ شَرْعًا، وَلَا مَنْفَعَةَ فِي هَذَا الْمَشْرُوبِ سِوَى الشُّرْبِ، وَإِذَا كَانَ مُحَرَّمَ الشُّرْبِ شَرْعًا كَانَ، فَاسِدًا لِمَالِيَّتِهِ، وَالتَّقَوُّمِ شَرْعًا، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْخَمْرِ؛ وَلِأَنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 24  صفحه : 14
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست