responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 20  صفحه : 88
[بَابُ الْحَبْسِ فِي الدَّيْنِ]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَيُحْبَسُ الرَّجُلُ فِي كُلِّ دَيْنٍ مَا خَلَا دَيْنَ الْوَلَدِ عَلَى الْأَبَوَيْنِ أَوْ عَلَى بَعْضِ الْأَجْدَادِ فَإِنَّهُمْ لَا يُحْبَسُونَ فِي دَيْنِهِ أَمَّا فِي دَيْنِ غَيْرِهِمْ فَيُحْبَسُ لِأَنَّهُ بِالْمَطْلِ صَارَ ظَالِمًا، وَالظَّالِمُ يُحْبَسُ وَأَنَّهُ عُقُوبَةٌ مَشْرُوعَةٌ؛ وَلِهَذَا كَانَ حَدًّا فِي الزِّنَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَقِّ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ {أَوْ يُنْفَوْا مِنْ الْأَرْضِ} [المائدة: 33] وَالْمُرَادُ بِهِ: الْحَبْسُ، وَكَذَلِكَ «حَبَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا بِالتُّهْمَةِ»، وَكَذَلِكَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ اتَّخَذَ سِجْنَيْنِ سَمَّى أَحَدَهُمَا نَافِعًا وَالْآخَرَ مُخَيَّسًا، وَكَذَلِكَ شُرَيْحٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَحْبِسُ النَّاسَ وَحَبَسَ ابْنَهُ بِسَبَبِ الْكَفَالَةِ عَنْ رَجُلٍ وَلَا يَحْبِسُهُ فِي أَوَّلِ مَا يَتَقَدَّمُ إلَى الْقَاضِي وَلَكِنَّهُ يَقُولُ لَهُ: قُمْ فَأَرْضِهِ لِأَنَّ الظُّلْمَ لَا يَتَحَقَّقُ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ يَحْبِسْهُ، وَالْقِيَاسُ فِي دَيْنِ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدَيْهِ هَكَذَا. إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا فِي دَيْنِ الْوَالِدَيْنِ وَمَنْ كَانَ فِي مَعْنَاهُمْ أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ الْوَالِدُ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ عَلَى وَلَدِهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُقَادُ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ» وَلَا يُعَاقَبُ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ عَلَى مَالِهِ لِأَنَّ لَهُ ضَرْبَ تَأْوِيلٍ فِي مَالِهِ وَذَكَرَ حَدِيثَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ اتَّخَذَ سِجْنَيْنِ وَقَالَ فِيهِ
أَلَا تَرَانِي كَيِّسًا مُكَيَّسَا ... بَنَيْتُ بَعْدَ نَافِعٍ مُخَيَّسَا
وَعَنْ الشَّعْبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَجِرْنِي فَقَالَ: مِمَّ؟ قَالَ: مِنْ دَيْنٍ. قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - السِّجْنُ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كَأَنَّك بِالطِّلْبَةِ خِلْوٌ. ذَكَرَ هَذَا لِبَيَانِ أَنَّ الْحَبْسَ مَشْرُوعٌ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يُبَاعُ مَالُ الْمَدْيُونِ الْمَسْجُونِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ أَوْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَاصْطَرَفَهَا بِدَرَاهِمَ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - يُبَاعُ مَالُهُ. وَهِيَ مَسَائِلُ الْحَجْرِ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ قَالَ فِي أَسْفَعِ جُهَيْنَةَ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ أَنْ يُقَالَ لَهُ: سَبَقَ الْحَاجَّ فَادَّانَ مُعْرِضًا حَتَّى دِينَ بِهِ. فَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَلْيَفِدْ عَلَيْنَا فَأَنَا بَائِعٌ مَالَهُ، قَاسِمٌ ثَمَنَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، وَإِيَّاكَ وَالدَّيْنَ فَإِنَّ أَوَّلَهُ هَمٌّ وَآخِرَهُ حَرْبٌ.
وَنِعْمَ مَا قَالَ؛ فَإِنَّ الدَّيْنَ سَبَبُ الْعَدَاوَةِ - خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا - فَيُؤَدِّي إلَى إهْلَاكِ النُّفُوسِ وَيَكُونُ سَبَبًا لِهَلَاكِ الْمَالِ خُصُوصًا مُدَايَنَةُ الْمَفَالِيسِ. وَالْحَرْبُ هُوَ الْهَلَاكُ ثُمَّ إذَا حُبِسَ الْمَدْيُونُ وَلَمْ يَدَّعِ الْإِعْسَارَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُخْلَى عَنْهُ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْإِعْسَارَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي دُيُونٍ وَجَبَتْ بِسَبَبِ الْمُبَايَعَاتِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَدَّقَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُكَذِّبُهُ لِأَنَّهُ يَكُونُ وَاحِدًا بِاعْتِبَارِ بَدَلِهِ، وَإِنْ كَانَ بِأَسْبَابٍ مَشْرُوعَةٍ سِوَى الْمُبَايَعَاتِ كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالْكَفَالَةِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 20  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست