responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 20  صفحه : 136
مِمَّا أَخَذَتْ وَعِنْدَ الْإِنْكَارِ الْمُعْطِي يُؤَدِّي الْمَالَ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ وَالْخُصُومَةِ وَيَفْدِي بِهِ يَمِينَهُ فَلَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ الرِّبَا عَلَى مَا بَيَّنَهُ وَذُكِرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: رُدُّوا الْخُصُومَ حَتَّى يَصْطَلِحُوا فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُحْدِثُ بَيْنَهُمْ الضَّغَائِنَ وَفِيهِ دَلِيلُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ وَأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى أَنْ يَرُدَّ الْخُصُومَ لِيَصْطَلِحُوا عَلَى شَيْءٍ وَيَدْعُوَهُمْ إلَى ذَلِكَ فَالْفَصْلُ بِطَرِيقِ الصُّلْحِ يَكُونُ أَقْرَبَ إلَى بَقَاءِ الْمَوَدَّةِ وَالتَّحَرُّزِ عَنْ النُّفْرَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَكِنَّ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ وَجْهُ الْقَضَاءِ.
فَأَمَّا بَعْدَ مَا اسْتَبَانَ ذَلِكَ فَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا بِرِضَا الْخَصْمَيْنِ وَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لِمَا فِي الْإِطَالَةِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِمَنْ ثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ لَهُ فِي تَأْخِيرِ حَقِّهِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَجُرُّ إلَيْهِ تُهْمَةَ الْمَيْلِ وَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يَتَحَرَّزَ عَنْ ذَلِكَ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ إحْدَى نِسَاءِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ صَالَحُوهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ وَثَمَانِينَ أَلْفًا عَلَى أَنْ أَخْرَجُوهَا مِنْ الْمِيرَاثِ وَهِيَ تُمَاضِرُ كَانَ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ فَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - فِي مِيرَاثِهَا مِنْهُ، ثُمَّ صَالَحُوهَا عَلَى الشَّطْرِ وَكَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَحَظُّهَا رُبْعُ الثُّمُنِ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا فَصَالَحُوهَا عَلَى نِصْفِ ذَلِكَ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا وَأَخَذَتْ بِهَذَا الْحِسَابِ ثَلَاثَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا وَلَمْ يُشِرْ لِذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَذُكِرَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَهَذَا دَلِيلُ ثَرْوَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَيَسَارِهِ وَكَانَ قَدْ قَسَمَ لِلَّهِ تَعَالَى مَالَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي حَيَاتِهِ تَصَدَّقَ فِي كُلٍّ بِالنِّصْفِ وَأَمْسَكَ النِّصْفَ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِجَمْعِ الْمَالِ وَاكْتِسَابِ الْغَنِيِّ مِنْ حِلِّهِ فَابْنُ عَوْفٍ مِنْ الصَّحَابَةِ الْعَشَرَةِ الَّذِينَ شَهِدَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْجَنَّةِ وَأَيَّدَ هَذَا الْقَوْلَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ» وَلَكِنْ مَعَ هَذَا تَرْكُ الْجَمْعِ وَالِاسْتِكْثَارِ وَإِنْفَاقُ الْمَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى وَهُوَ الطَّرِيقُ الَّذِي اخْتَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَفْسِهِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ» وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ «فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ مَا أَبْطَأَ بِكَ عَنِّي يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّكَ آخِرُ أَصْحَابِي لُحُوقًا بِي بَعْدَ الْقِيَامَةِ وَأَقُولُ أَيْنَ كُنْت فَيَقُولُ مَنَعَنِي عَنْكَ الْمَالُ كُنْت مَحْبُوسًا مَا تَخَلَّصْتُ إلَيْكَ حَتَّى الْآنَ» وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: يَتَخَارَجُ أَهْلُ الْمِيرَاثِ يَعْنِي يُخْرِجُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِطَرِيقِ الصُّلْحِ وَذَلِكَ جَائِزٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَيْسِيرِ الْقِسْمَةِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ لَوْ اشْتَغَلُوا بِقِسْمَةِ الْكُلِّ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ رُبَّمَا يَشُقُّ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 20  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست