responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 20  صفحه : 110
فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الْكَفَالَةِ كَمَا فِي دُيُونِ اللَّهِ - جَلَّتْ قُدْرَتُهُ -. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الذِّمَّةَ لَمْ تَبْقَ مَحَلًّا لِوُجُوبِ الْحَقِّ فِيهَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَكَمَا يُشْتَرَطُ الْمَحَلُّ لِابْتِدَاءِ الِالْتِزَامِ فَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ الْمَحَلُّ لِبَقَاءِ الْحَقِّ وَلَمْ يَبْقَ الْمَحَلُّ؛ فَلَا يَبْقَى فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا أَيْضًا.
وَالْكَفِيلُ إنَّمَا يَلْتَزِمُ الْمُطَالَبَةَ بِمَا عَلَى الْأَصِيلِ وَلَا يَلْتَزِمُ أَصْلَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَبْقَ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ شَيْءٌ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَهَذَا الدَّيْنُ فِي حُكْمِ الْمُطَالَبَةِ دُونَ دَيْنِ الْكِتَابَةِ فَالْمُكَاتَبُ يُطَالَبُ بِالْمَالِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْبَسُ فِيهِ ثُمَّ هُنَاكَ الْكَفَالَةُ بِهِ لَا تَصِحُّ فَهُنَا أَوْلَى بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَإِنَّ ذِمَّتَهُ مَحَلٌّ صَالِحٌ لِوُجُوبِ الْحَقِّ فِيهَا ابْتِدَاءً فَبَقِيَ الْوَاجِبُ وَبِخِلَافِ الْعَبْدِ أَيْضًا فَإِنَّ لَهُ ذِمَّةً صَالِحَةً لِوُجُوبِ الْحَقِّ فِيهَا، وَإِنْ ضَعُفَتْ ذِمَّتُهُ بِسَبَبِ الرِّقِّ وَبِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ مَلِيًّا فَالْمَالُ هُنَاكَ خَلَفٌ عَنْ الذِّمَّةِ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الْمُطَالَبَةُ وَالِاسْتِيفَاءُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ يَكُونُ مِنْ الْمَالِ بِجَعْلِ الْأَصْلِ قَائِمًا حُكْمًا وَهُنَا لَمْ يَبْقَ خَلَفٌ بَعْدَ مَوْتِهِ مُفْلِسًا، وَتَوَهَّمْ أَنْ يَتَبَرَّعَ إنْسَانٌ بِمَالِهِ فَيُقْضَى عَنْهُ الدَّيْنُ لَا يُجْعَلُ مَالُ الْغَيْرِ خَلَفًا عَنْ ذِمَّتِهِ قَبْلَ جَعْلِ صَاحِبِهِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِالدَّيْنِ كَفِيلٌ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْكَفِيلِ هُنَا خَلَفٌ عَنْ ذِمَّتِهِ وَبَعْدَ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ قَدْ يَتَحَوَّلُ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْكَفِيلِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَهُوَ عِنْدَ أَدَاءِ الْكَفِيلِ أَوْ الْهِبَةِ. وَقَدْ تَحَقَّقَتْ الضَّرُورَةُ هُنَا فَلِهَذَا بَقِيَ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ خَلَفٌ عَنْ الذِّمَّةِ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْهُ بِقَدْرِ اسْتِيفَائِهِ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ وَإِذَا قُتِلَ عَمْدًا فَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبَعْدَ التَّسْلِيمِ يَقُولُ: الْقِصَاصُ الْوَاجِبُ بِفَرْضِ أَنْ يَصِيرَ مَالًا بِعَفْوِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ أَوْ تَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ فَتَوَهُّمُ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ فِي الدُّنْيَا بِقَضَاءِ ذَلِكَ الدَّيْنِ يَجْعَلُ الذِّمَّةَ بَاقِيَةً حُكْمًا فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ لِهَذَا الْمَعْنَى وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ فِي الْبَابِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ أَبِي قَتَادَةَ أَوْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إقْرَارًا بِكَفَالَةٍ سَابِقَةٍ. فَإِنَّ لَفْظَ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْشَاءِ فِي الْكَفَالَةِ سَوَاءٌ وَالْعُمُومُ بِحِكَايَةِ الْحَالِ لَا يَثْبُتُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَعْدًا مِنْهُمَا لَا كَفَالَةً وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْتَنِعُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ لِيَظْهَرَ طَرِيقٌ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَلَمَّا ظَهَرَ الطَّرِيقُ لِوَعْدِهِمَا؛ صَلَّى عَلَيْهِ لِهَذَا.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ ذَلِكَ: مَا فَعَلَ الدِّينَارَانِ حَتَّى قَالَ يَوْمًا: قَضَيْتهمَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدَتُهُ وَلَمْ يَجْبُرْهُ عَلَى الْأَدَاءِ وَبِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ كَانَ وَعْدًا لَا كَفَالَةً.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ شَاذٌّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَفَ أَنَّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ مَالًا وَلَكِنَّهُ مَا كَانَ ظَاهِرًا عِنْدَ النَّاسِ فَلِهَذَا نَدَبَهُمْ إلَى الضَّمَانِ عَنْهُ لِيُصَلِّيَ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 20  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست