responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 2  صفحه : 163
الْمَاسِّينَ لَهُ فِي الْمِلَّةِ فَإِذَا ثَبَتَ الْوُجُوبُ كَانَ لِلْوَلِيِّ وِلَايَةُ الْأَدَاءِ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ فِي أَدَائِهِ حَتَّى إنَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ يَتَأَدَّى بِأَدَاءِ وَكِيلِهِ، وَالْوَلِيُّ نَائِبٌ عَنْ الصَّبِيِّ وَبِهِ فَارَقَ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةَ فَلَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ فِي أَدَائِهَا
(وَلَنَا) قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَنْتَبِهَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ» وَفِي إيجَابِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ إجْرَاءُ الْقَلَمِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْوُجُوبَ يَخْتَصُّ بِالذِّمَّةِ وَلَا يَجِبُ فِي ذِمَّةِ الْوَلِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ عَلَى الصَّبِيِّ وَفِيهِ يُوجَدُ الْخِطَابُ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كَيْ لَا تَأْكُلَهَا الصَّدَقَةُ أَيْ النَّفَقَةُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ أَضَافَ الْأَكْلَ إلَى جَمِيعِ الْمَالِ وَالنَّفَقَةُ هِيَ الَّتِي تَأْتِي عَلَى جَمِيعِ الْمَالِ دُونَ الزَّكَاةِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهَا عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ فَلَا تَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَتَفْسِيرُ الْوَصْفِ أَنَّهَا أَحَدُ أَرْكَانِ الدَّيْنِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ، فَكَذَلِكَ مَا هُوَ مِنْ أَرْكَانِ الدَّيْنِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُتَصَدِّقَ يَجْعَلُ مَالَهُ لِلَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ يَصْرِفُهُ إلَى الْفَقِيرِ لِيَكُونَ كِفَايَةً لَهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 104]، وَقَالَ {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] وَبِجَعْلِ الْمَالِ لَهُ خَالِصًا يَكُونُ عِبَادَةً خَالِصَةً وَلِهَذَا يَحْصُلُ بِهِ التَّطْهِيرُ وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقُّ الْعِبَادِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تُنَافِي مَعْنَى الْعِبَادَةِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ عِبَادَةٌ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةٍ وَعَزِيمَةٍ مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَدَاءِ.
وَوِلَايَةُ الْوَلِيِّ عَلَى الصَّبِيِّ تَثْبُتُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ شَرْعًا وَمِثْلُ هَذِهِ الْوِلَايَةِ لَا تَتَأَدَّى بِهَا الْعِبَادَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَ بِالْأَدَاءِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَتِلْكَ نِيَابَةٌ عَنْ اخْتِيَارٍ، وَقَدْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ وَالْعَزِيمَةُ مِنْهُ وَبِهِ فَارَقَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ، فَإِنَّ وُجُوبَهَا لِمَعْنَى الْمُؤْنَةِ حَتَّى تَجِبَ عَلَى الْغَيْرِ بِسَبَبِ الْغَيْرِ وَفِيهِ حَقٌّ لِلْأَبِ فَإِنَّا لَوْ لَمْ نُوجِبْ فِي مَالِهِ احْتَجْنَا إلَى الْإِيجَابِ عَلَى الْأَبِ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ مَالٌ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَبِهِ فَارَقَ الْعُشْرَ، فَإِنَّهُ مُؤْنَةُ الْأَرْضِ النَّامِيَةِ كَالْخَرَاجِ، وَكَذَلِكَ النَّفَقَةُ وُجُوبُهَا لِحَقِّ الْعَبْدِ بِطَرِيقِ الْمُؤْنَةِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ

ثُمَّ الْمَجْنُونُ الْأَصْلِيُّ لَا يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى مَالِهِ حَتَّى يُفِيقَ، فَإِنْ كَانَ جُنُونُهُ طَارِئًا فَقَدْ ذَكَرَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعِبْرَةَ لِأَكْثَرِ الْحَوْلِ، فَإِنْ كَانَ مُفِيقًا فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ تَجِبُ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا وَجَعَلَ هَذَا نَظِيرَ الْجِزْيَةِ، فَإِنَّ الذِّمِّيَّ إذَا مَرِضَ فِي بَعْضِ السَّنَةِ، فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ تَلْزَمُهُ الْجِزْيَةُ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْجِزْيَةُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ مُفِيقًا فِي جُزْءٍ مِنْ السَّنَةِ فِي أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ هَكَذَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَجَعَلَ هَذَا نَظِيرَ الصَّوْمِ فَالسَّنَةُ لِلزَّكَاةِ كَالشَّهْرِ لِلصَّوْمِ وَالْإِفَاقَةُ فِي جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 2  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست