responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 16  صفحه : 80
الْخُصُومِ، وَهَذَا أَيْضًا فِي الْمُدَرِّسِ كَذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ «إنْ النَّفْسَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ الْأَبْدَانُ فَابْتَغَوْا لَهَا ظَرَائِفَ الْحِكْمَةِ»، وَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَ إذَا مَلَّ مِنْ بَيَانِ أَنْوَاعِ الْعِلْمِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ اخْصِمُوا أَيْ خُوضُوا فِي دِيوَانِ الْعَرَبِ فَتَذَكَّرُوا شَيْئًا مِنْ الْمُلَحِ قَالَ، وَلَكِنَّهُ يَقْعُدُ فِي طَرَفَيْ النَّهَارِ، أَوْ مَا أَطَاقَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْقَضَاءِ عِبَادَةٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَجْلِسَ لَهُ فِي طَرَفَيْ النَّهَارِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ} [هود: 114]، وَلِأَنَّ اعْتِدَالَ حَالِ الْمَرْءِ يَكُونُ فِي طَرَفَيْ النَّهَارِ عَادَةً، أَوْ مَا أَطَاقَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّاعَةَ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ، وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَبَكَّرَ لِلْخُصُومَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَدْ كَانَ شُرَيْحٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا ابْتَكَرُوا قَبْلَ حُضُورِهِ قَالَ أَتَتَظَلَّمُونَ بِاللَّيْلِ فَعَرَفْنَا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَحْمُودٍ لِلْقَاضِي

(قَالَ) وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُقَدِّمَ النِّسَاءَ عَلَى حِدَةٍ وَالرِّجَالَ عَلَى حِدَةٍ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَزْدَحِمُونَ فِي مَجْلِسِهِ، وَفِي اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ عِنْدَ الزَّحْمَةِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالْقُبْحِ مَا لَا يَخْفَى، وَلَكِنْ هَذَا فِي خُصُومَةٍ يَكُونُ بَيْنَ النِّسَاءِ. فَأَمَّا الْخُصُومَةُ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ أَنْ يُقَدِّمَهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ، وَأَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ فَرِيقٍ يَوْمًا عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى مِنْ كَثْرَةِ الْخُصُومِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَهُمْ يَزْدَحِمُونَ عَلَى بَابِهِ وَرُبَّمَا يَقْتَتِلُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَفِيهِ مِنْ الْفِتْنَةِ مَا لَا يَخْفَى فَيَجْعَلُ ذَلِكَ مُنَاوَبَةً بَيْنَهُمْ بِالْأَيَّامِ لِيَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَيَحْضُرَ عِنْدَ ذَلِكَ وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عَلَى الرِّقَاعِ فَيُجَزِّئَ الْخُصُومَ أَجْزَاءً وَيَكْتُبَ بِاسْمِ كُلِّ فَرِيقٍ رُقْعَةً، ثُمَّ يُخْرِجُ الرِّقَاعَ عَلَى الْأَيَّامِ لِلسَّبْتِ وَالْأَحَدِ إلَى آخِرِهِ، وَذَلِكَ حَسَنٌ، وَلَكِنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - اخْتَارَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يُقَدِّمَ النَّاسَ عَلَى مَنَازِلِهِمْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَلَا يَبْتَدِئَ بِأَحَدٍ جَاءَ قَبْلَهُ غَيْرُهُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ «سَبَقَك بِهَا عُكَّاشَةُ»، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الَّذِي جَاءَ أَوَّلًا اسْتَحَقَّ النَّظَرَ فِي حُجَّتِهِ أَنْ لَوْ كَانَ الْقَاضِي جَالِسًا عِنْدَ ذَلِكَ فَتَأَخُّرُ جُلُوسِ الْقَاضِي لَا يُغَيِّرُ اسْتِحْقَاقَهُ وَلَا يَبْطُلُ بِحُضُورِ غَيْرِهِ؛ فَلِهَذَا تَقَدَّمَهُ عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} [هود: 3] قَالَ وَيَضَعُ عَلَى ذَلِكَ أَمِينًا مِنْ قِبَلِهِ يُقَدِّمُهُمْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَعَرُّفِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ، وَفِيمَا يُعَجِّلُ الْقَاضِي عَنْ مُبَاشَرَتِهِ يَسْتَعِينُ بِأَمِينٍ مِنْ أُمَنَائِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْتَكِرَ ذَلِكَ الْأَمِينُ إلَى بَابِ مَجْلِسِ الْقَاضِي لِيَعْلَمَ مَنَازِلَ النَّاسِ فِي الْحُضُورِ فَلَعَلَّهُمْ يَكْذِبُونَ فِي ذَلِكَ، أَوْ أَنْ يَلْبِسُونَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَجْعَلُ عَلَى ذَلِكَ أَمِينًا لَا يَطْمَعُ وَلَا يَرْتَشِي فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ الْقُضَاةِ فَكَمَا لَا يَطْمَعُ هُوَ فِيمَا يَقْضِي. فَكَذَلِكَ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 16  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست