responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 16  صفحه : 180
- رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى قَطْعِ يَدٍ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَعَلَيْهِمَا الدِّيَةُ، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَبِهِ نَأْخُذُ؛ لِأَنَّهُمَا سَبَّبَا لِقَطْعِ الْيَدِ بِطَرِيقٍ هُوَ تَعَدٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ سَبَبٌ مُعْتَادٌ فِي النَّاسِ فَقَدْ يَقْصِدُ الْمَرْءُ الْإِضْرَارَ بِغَيْرِهِ فِي نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ بِالشَّهَادَةِ الْبَاطِلَةِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ تَحْصِيلِ مَقْصُودِهِ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مُوجِبٌ ضَمَانَ الدِّيَةِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ وَوَضْعِ الْحَجَرِ فِي الطَّرِيقِ إلَّا أَنَّ ضَمَانَ الدِّيَةِ فِي مَالِهِمَا؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ بِقَوْلِهِمَا وَهُوَ إقْرَارُهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا عِنْدَ الرُّجُوعِ وَقَوْلُهُمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ. وَإِذَا كَانَ ضَامِنَيْنِ لِلدِّيَةِ إذَا رَجَعَا كَانَ أَحَدُهُمَا ضَامِنًا لِنِصْفِ الدِّيَةِ إذَا رَجَعَ؛ لِأَنَّ بِشَهَادَةِ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُومُ بِنِصْفِ الْحُجَّةِ فَبِبَقَاءِ أَحَدِهِمَا عَلَى الشَّهَادَةِ تَبْقَى الْحُجَّةُ فِي النِّصْفِ أَيْضًا فَيَجِبُ عَلَى الرَّاجِعِ مِنْ الضَّمَانِ بِقَدْرِ مَا انْعَدَمَتْ الْحُجَّةُ فِيهِ، وَذَلِكَ النِّصْفُ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا بِمَالٍ فَقَضَى الْقَاضِي بِهِ، ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَالِ فَإِنْ رَجَعَا جَمِيعًا فَعَلَيْهِمَا الْمَالُ كُلُّهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي حَتَّى امْتَنَعَ الْقَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا عَلَيْهِ شَيْئًا مُسْتَحَقًّا لَهُ فَالشَّهَادَةُ قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا تُوجِبُ شَيْئًا لِلْمَشْهُودِ لَهُ. فَأَمَّا بَعْدَ الْقَضَاءِ فَقَدْ أَتْلَفَا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَا كَانَ مُسْتَحَقًّا لَهُ مِنْ الْمَالِ فَيَضْمَنَانِ لَهُ ذَلِكَ.

وَعَنْ الشَّعْبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ شَهَادَته فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا الشَّعْبِيُّ، وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَانَ يَقُولُ فُرْقَةُ الْقَاضِي جَائِزَةٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلَا يَرُدُّ الْقَاضِيَ الْمَرْأَةَ إلَى زَوْجِهَا بِرُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ الثَّانِي إنْ كَانَ هُوَ الشَّاهِدُ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُصَدَّقُ الشَّاهِدُ عَلَى إبْطَالِ شَهَادَتِهِ الْأُولَى، وَلَكِنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَى نَفْسِهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إنْ كَانَ هُوَ تَزَوَّجَهَا وَإِلَى هَذَا رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ تَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا حَتَّى إذَا ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَأَقَامَ شَاهِدَيْ زُورٍ فَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالنِّكَاحِ وَسِعَهُ أَنْ يَطَأَهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إلَى الْحُكَّامِ} [البقرة: 188] فَقَدْ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَكْلِ مَالِ الْغَيْرِ بِالْبَاطِلِ مُحْتَجًّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَهُوَ تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّهُ، وَإِنْ قَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالشِّرَاءِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 16  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست