responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 16  صفحه : 143
فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي وَيَتَعَذَّرُ إثْبَاتُهُ بِشَهَادَةِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ لِإِثْبَاتِ الْحُقُوقِ مَشْرُوعَةٌ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ.
ثُمَّ يَثْبُتُ ذَلِكَ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا كَانَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً عَدْلًا عِنْدَنَا وَالْمَثْنَى وَالثُّلَاثُ أَحْوَطُ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ فَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ كُلُّ امْرَأَتَيْنِ يَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي الشَّهَادَةِ كَمَا فِي الْمَذْكُورَاتِ فَشَهَادَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ فِيمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ تَوْضِيحُهُ أَنَّ حَالَ الرِّجَالِ فِي الشَّهَادَةِ أَقْوَى مِنْ حَالِ النِّسَاءِ. وَإِذَا كَانَ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ شَيْءٍ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ لِمَعْنَى الْإِلْزَامِ فَلَأَنْ لَا يَجُوزَ إثْبَاتُهُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْلَى وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ أَنَّ هَذَا خَبَرٌ، وَلَيْسَ بِشَهَادَةٍ.
فَإِنَّ الْحُرِّيَّةَ فِيهِ شَرْطٌ بِالِاتِّفَاقِ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَوْ شَهِدَتْ أَمَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ لَا تُقْبَلُ، وَكَذَلِكَ لَفْظُ الشَّهَادَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ فِي الْحُقُوقِ وَبِهَذَا يَسْتَدِلُّ ابْنُ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ الْمُعْتَبَرُ فِي الشَّهَادَاتِ شَيْئَانِ الْعَدَدُ وَالذُّكُورَةُ، وَقَدْ تَعَذَّرَ اعْتِبَارُ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الذُّكُورَةُ هُنَا وَلَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ فَيَبْقَى مُعْتَبَرًا كَافِي سَائِرِ الشَّهَادَاتِ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ نَظَرَ الْوَاحِدَةِ أَحَقُّ مِنْ نَظَرِ الْمَثْنَى؛ لِأَنَّهُ بِالِاتِّفَاقِ الْمَثْنَى وَالثُّلَاثُ أَحْوَطُ فَلَوْ كَانَ مُعْتَبَرًا لَمَا جَازَ النَّظَرُ إلَّا لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ. وَقَالَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ جَائِزَةٌ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ» وَالنِّسَاءُ اسْمُ جِنْسٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ هَذَا خَبَرٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِهِ الذُّكُورَةُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ كَرِوَايَةِ الْأَخْبَارِ.
وَحَقِيقَةُ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ نَظَرَ الرِّجَالِ إلَى هَذَا الْمَوْضِعِ غَيْرُ مُتَعَذَّرٍ وَلَا مُمْتَنَعٍ، وَلَكِنَّ نَظَرَ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ أَحَقُّ. فَإِذَا أَمْكَنَ تَحْصِيلُ الْمَقْصُودِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ سَقَطَ اعْتِبَارُ صِفَةِ الذُّكُورِيَّةِ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْعَدَدِ فَإِنَّ نَظَرَ الْوَاحِدَةِ أَحَقُّ مِنْ نَظَرِ الْجَمَاعَةِ فَسَقَطَ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ بِالْمَعْنَى الَّذِي يُسْقِطُ اعْتِبَارَ الذُّكُورَةِ؛ وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ؛ لِأَنَّ نَظَرَ الْمَمْلُوكَةِ لَيْسَ بِأَخَفَّ مِنْ نَظَرِ الْحُرَّةِ؛ وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْإِسْلَامِ فِيهِ؛ لِأَنَّ نَظَرَ الْكَافِرَةِ لَيْسَ بِأَخَفَّ مِنْ نَظَرِ الْمُسْلِمَةِ فَيَنْعَدِمُ مِنْ الشَّرَائِطِ مَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ مَا لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ فَعَلَى هَذَا الْحَرْفِ نُسَلِّمُ أَنَّهُ شَهَادَةٌ، وَلَكِنْ يَدَّعِي أَنَّهُ سَقَطَ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ فِيهِ بِالْمَعْنَى الَّذِي يُسْقِطُ اعْتِبَارُ الذُّكُورَةِ.
وَفِي الْحَاصِلِ هَذَا أَحَدُ شِبْهِهَا مِنْ الْأَصْلَيْنِ مِنْ الشَّهَادَةِ لِمَعْنَى الْإِلْزَامِ وَمَعْنَى الْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الذُّكُورَةِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 16  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست