responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 14  صفحه : 155
وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْأَبِ وَالْوَصِيِّ إذَا سَلَّمَا شُفْعَةَ الصَّبِيِّ جَازَ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَلَيْسَ لِلصَّبِيِّ أَنْ يُطَالِبَ بِحَقِّهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّهُمَا قَامَا مَقَامَهُ فِي اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ، وَالْإِسْقَاطُ ضِدُّ الِاسْتِيفَاءِ، فَلَا يَثْبُتُ لَهُمَا الْوِلَايَةُ فِي الْإِسْقَاطِ، كَالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ، وَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ الْوَاجِبِ لَهُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمَا مُقَيَّدٌ بِالنَّظَرِ، وَلَيْسَ فِي إسْقَاطِ حَقِّ الصَّبِيِّ مَعْنَى النَّظَرِ لَهُ؛ وَلِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ يَثْبُتُ شَرْعًا لِدَفْعِ الضُّرِّ فِيهَا بِالْإِسْقَاطِ كَأَنَّهُمَا يُلْزِمَانِهِ الضَّرَرَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ قَالَا: تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ تَرْكُ الشِّرَاءِ. وَالْأَبُ، وَالْوَصِيُّ كَمَا يَجُوزُ مِنْهُمَا الشِّرَاءُ عَلَى الصَّبِيِّ يَجُوزُ تَرْكُ الشِّرَاءِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَوْجَبَ صَاحِبُ الدَّارِ الْبَيْعَ فِيهَا مِنْ الصَّغِيرِ فَرَدَّهُ الْأَبُ، وَالْوَصِيُّ صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا. وَبَيَانُ الْوَصْفِ: أَنَّ الشَّفِيعَ بِالْأَخْذِ يَتَمَلَّكُ الْعَيْنَ بِالثَّمَنِ، وَهَذَا هُوَ الشِّرَاءُ. وَتَأْثِيرُهُ أَنَّ فِي تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ يَبْقَى أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ عَلَى مِلْكِ الصَّبِيِّ، وَهُوَ الثَّمَنُ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ إسْقَاطُ حَقِّهِ، فَهُوَ إسْقَاطٌ بِعِوَضٍ يُعَدُّ لَهُ، فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ ضَرَرًا كَبَيْعِ مَالِهِ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ وَإِسْقَاطِ الْقَوَدِ يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ، ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ جَازَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ إذَا سَلَّمَهَا إلَيْهِ، بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَهَا، ثُمَّ بَاعَهَا مِنْهُ تَتَوَجَّهُ الْعُهْدَةُ فِيهَا عَلَى الصَّغِيرِ وَفِي التَّسْلِيمِ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْعُهْدَةُ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا قُلْنَا سُكُوتُ مَنْ يَمْلِكُ التَّسْلِيمَ عَنْ الطَّلَبِ بِمَنْزِلَةِ التَّسْلِيمِ، فَإِذَا سَكَتَ الْأَبُ، وَالْوَصِيُّ عَنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، فَذَلِكَ مُبْطِلٌ لِحَقِّ الصَّبِيِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ بِمَنْزِلَةِ تَسْلِيمِهَا وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الصَّبِيِّ.

وَلَوْ اشْتَرَى الْأَبُ لِلصَّبِيِّ دَارًا، وَهُوَ شَفِيعُهَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ عِنْدَنَا وَقَالَ زُفَرُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ بِنَاءً عَلَى شِرَاءِ الْأَبِ مَالَ الصَّبِيِّ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ وَصِيٌّ لَمْ يَمْلِكْ أَخْذَهَا لِنَفْسِهِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ مِنْهُ، وَالْوَصِيُّ لَا يَشْتَرِي مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَلَوْ اشْتَرَى الْأَبُ لِنَفْسِهِ دَارًا، وَالصَّبِيُّ شَفِيعُهَا فَلَيْسَ لِلصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْأَخْذِ فَسُكُوتُهُ يَكُونُ مُبْطِلًا شُفْعَةَ الصَّبِيِّ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْأَبُ دَارًا، وَالصَّبِيُّ شَفِيعُهَا؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ، وَالسُّكُوتُ عَنْ الطَّلَبِ مِمَّنْ يَمْلِكُ الْأَخْذَ يَكُونُ مُبْطِلًا لِلشُّفْعَةِ، فَأَمَّا مِمَّنْ لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ لَا يَكُونُ مُبْطِلًا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى الدَّارَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، وَالصَّبِيُّ شَفِيعُهَا فَسَلَّمَ الْأَبُ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يَصِحُّ التَّسْلِيمُ هُنَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّظَرِ لِلصَّبِيِّ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ لِكَثْرَةِ الثَّمَنِ وَسُكُوتُهُ عَنْ الطَّلَبِ وَتَسْلِيمُهُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ مَالِكًا لِلْأَخْذِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 14  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست