responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 13  صفحه : 25
الْجَبْرِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبِضُهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَعَرَفْنَا أَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ بِالْعَقْدِ، وَهَكَذَا نَقُولُ فِي الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الْبَيْعِ أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْعَقْدِ وَلَكِنْ عَلَى وَجْهٍ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ الْمَوْعُودَ مِنْ الْعَقْدِ كَالْمُتَحَقِّقِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ مَوْجُودٌ هُنَا فَعَرَفْنَا أَنَّ الضَّمَانَ بِاعْتِبَارِ الْعَقْدِ الْمُتَحَقِّقِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي الْبَيْعِ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ فَكَذَلِكَ فِي الرِّبَا؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ يَكُونُ لِمَعْنًى فِي وَصْفِ الْعَقْدِ، فَإِنَّ بِالْفَضْلِ يَصِيرُ الْبَيْعُ رَابِحًا، وَكَذَلِكَ فِي الْبَيْعِ بِالْخَمْرِ فَإِنَّ رُكْنَ الْعَقْدِ الْمَالِيَّةُ فِي الْبَدَلَيْنِ وَبِتَخَمُّرِ الْعَصِيرِ لَا تَنْعَدِمُ الْمَالِيَّةُ وَإِنَّمَا يَنْعَدِمُ التَّقَوُّمُ شَرْعًا فَإِنَّ الْمَالِيَّةَ تَكُونُ بِكَوْنِ الْعَيْنِ مُنْتَفَعًا بِهَا وَقَدْ أَثْبَتَ اللَّهُ - تَعَالَى - ذَلِكَ فِي الْخَمْرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219] وَلِأَنَّهُ كَانَ مَالًا مُتَقَوِّمًا قَبْلَ التَّحْرِيمِ.
وَإِنَّمَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ حُرْمَةُ التَّنَاوُلِ وَنَجَاسَةُ الْعَيْنِ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَتِهِ انْعِدَامُ الْمَالِيَّةِ كَالسِّرْقِينِ إلَّا أَنَّهُ فَسَدَ تَقَوُّمُهُ شَرْعًا لِضَرُورَةِ وُجُوبِ الِاجْتِنَابِ عَنْهُ بِالنَّصِّ، وَلِهَذَا يَكُونُ مَالًا فِي حَقِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَانْعَقَدَ الْعَقْدُ بِوُجُودِ رُكْنِهِ فِي مَحَلِّهِ بِصِفَةِ الْفَسَادِ وَلَكِنَّ الْخَمْرَ لَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ شَرْعًا فَيُمْلَكُ بِأَدَائِهِ لِانْعِقَادِ الْعَقْدِ مُوجِبًا الْمِلْكَ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ بِالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ فَذَلِكَ لَيْسَ بِمَالٍ فِي حَقِّ أَحَدٍ فَلِانْعِدَامِ رُكْنِ الْعَقْدِ فِي مَحَلِّهِ لَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ.

قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَ الْجَارِيَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ بَعْدَ قَبْضِهِ إيَّاهَا أَوْ بَاعَهَا أَوْ مَهَرَهَا أَوْ وَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ كَاتَبَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا جَازَ جَمِيعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فِي نَظِيرِ هَذَا قَالَ: لِأَنَّهُ مَالِكٌ رَقَبَتَهَا وَهُنَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ عَلَيْهَا وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى مَا قُلْنَا؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ تَسْلِيطٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فَصَارَ كَمَا لَوْ سَلَّطَهُ عَلَى الْإِعْتَاقِ نَصًّا بِأَنْ قَالَ أَعْتَقْتُهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ إذَا اشْتَرَى طَعَامًا حَلَّ لَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ الْعَقْدُ الْجَائِزُ يَعْتَبِرُ التَّسْلِيطَ فِي حَقِّ تَنَاوُلِ الطَّعَامِ فَكَذَا فِي حَقِّ الْفَاسِدِ وَلِهَذَا قُلْنَا: إنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ مِمَّا لَا يُسْتَبَاحُ بِصَرِيحِ التَّسْلِيطِ فَكَذَلِكَ لَا يُسْتَبَاحُ بِهِ دَلَالَةً، وَيَعُودُ التَّصَرُّفُ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْمِلْكِ دُونَ صِفَةِ الْحِلِّ وَقَدْ ثَبَتَ أَصْلُ الْمِلْكِ فَيَثْبُتُ التَّسْلِيطُ عَلَى التَّصَرُّفِ ثُمَّ قَدْ تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِهَا فَيَلْزَمُهُ رَدُّ قِيمَتِهَا، وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ نَحْوُ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ شَرَى فَاسِدًا لَمَّا بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ تَعَلَّقَ بِهَذَا الْعَيْنِ حَقُّ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَحَقُّ اللَّهِ - تَعَالَى - مِنْ حَيْثُ فَسْخُ الْعَقْدِ بِالرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَحَقُّ اللَّهِ - تَعَالَى - مَعَ حَقِّ الْعَبْدِ إذَا اجْتَمَعَا تَقَدَّمَ حَقُّ الْعَبْدِ لَا تَهَاوُنًا بِحَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى - وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَغْنَى وَالْعَفْوُ مِنْهُ أَرْجَى بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي مِنْ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 13  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست