responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 13  صفحه : 122
حَالَ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ عِنْدَ الْفَسْخِ كَحَالِ الْبَائِعِ مَعَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَقَدْ كَانَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي كُرٌّ فِي ذِمَّتِهِ يُعْطِيهِ الْمُشْتَرِي مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ فَكَذَلِكَ الْبَائِعُ يَفْعَلُهُ عِنْدَ الْفَسْخِ.
وَكُلُّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يَعُدُّ فِي هَذَا الْحُكْمِ سَوَاءٌ لِمَا قُلْنَا قَالَ: وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِثَوْبٍ لَيْسَ عِنْدَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ لَا تُثْبِتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ إلَّا مَوْصُوفَةً وَمُؤَجَّلَةً ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ بِعَيْنِهِ فَوَجَدَ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا وَقَدْ اسْتَهْلَكَ الْبَائِعُ الثَّوْبَ رَدَّهَا وَأَخَذَ قِيمَةَ الثَّوْبِ لِأَنَّ الثَّوْبَ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَقَدْ لَزِمَهُ رَدُّ عَيْنِهِ حِينَ رَدَّ عَلَيْهِ الْجَارِيَةَ، فَإِذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ شَيْئًا بِنَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةٍ فَلَمْ يَسْتَوْفِ ثَمَنَهُ حَتَّى اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ جَازَ.
وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ يَجُوزُ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي قَدْ تَأَكَّدَ فِي الْمَبِيعِ بِالْقَبْضِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَيِّ مِقْدَارٍ مِنْ الثَّمَنِ بَاعَهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ مِنْ الْبَائِعِ جَازَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهُ مِنْهُ بِثَمَنٍ يَسِيرٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مِنْ إنْسَانٍ آخَرَ ثُمَّ بَاعَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ جَازَ.
فَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَإِنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا وَقَالَتْ إنِّي بِعْتُ مِنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ جَارِيَةً لِي بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى الْعَطَاءِ ثُمَّ اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِئْسَمَا شَرَيْتِ وَبِئْسَمَا اشْتَرَيْتِ أَبْلِغِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبْطَلَ حَجَّهُ وَجِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ لَمْ يَتُبْ فَأَتَاهَا زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ مُعْتَذِرًا فَتَلَتْ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: 275]، فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فَسَادَ هَذَا الْعَقْدِ كَانَ مَعْرُوفًا بَيْنَهُمْ وَأَنَّهَا سَمِعَتْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ أَجْزِيَةَ الْجَرَائِمِ لَا تُعْرَفُ بِالرَّأْيِ وَقَدْ جَعَلْتُ جَزَاءَهُ عَلَى مُبَاشَرَةِ هَذَا الْعَقْدِ بُطْلَانِ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ فَعَرَفْنَا أَنَّ ذَلِكَ كَالْمَسْمُوعِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاعْتِذَارُ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَيْهَا دَلِيلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ كَانَ يُخَالِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَمَا كَانَ يَعْتَذِرُ أَحَدُهُمْ إلَى صَاحِبِهِ فِيهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا أَلْحَقَتْ الْوَعِيدَ بِهِ لِلْأَجَلِ إلَى الْعَطَاءِ فَإِنَّ مَذْهَبَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - جَوَازُ الْبَيْعِ إلَى الْعَطَاءِ وَقَدْ كَرِهَتْ الْعَقْدَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهَا بِئْسَمَا اشْتَرَيْتِ وَلَيْسَ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى عَرَفْنَا أَنَّهَا إنَّمَا كَرِهَتْ لِمَا قُلْنَا.
وَإِنَّمَا كَرِهَتْ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُمَا يُطْرَقَانِ بِهِ إلَى الثَّانِي وَالْمَعْنَى فِيهِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 13  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست