responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 12  صفحه : 92
فَإِنْ قِيلَ): هَذَا أَنْ لَوْ ثَبَتَ الْإِيدَاعُ، (قُلْنَا): لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ بِقَبْضِ مَالِ الْغَيْرِ لِنَفْسِهِ عَلَى وَجْهِ التَّمَلُّكِ مُوجِب لِلضَّمَانِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ تَمْلِيكٌ مِنْ صَاحِبِهِ إيَّاهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

[بَابُ الصَّدَقَةِ]
قَالَ: (الصَّدَقَةُ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ فِي الْمَشَاعِ، وَغَيْرِ الْمَشَاعِ، وَحَاجَتُهَا إلَى الْقَبْضِ)، وَقَدْ بَيَّنَّا اخْتِلَافَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فِيهَا إلَّا أَنَّهُ لَا رُجُوعَ فِي الصَّدَقَةِ إذَا تَمَّتْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا نَيْلُ الثَّوَابِ - وَقَدْ حَصَلَ - وَإِنَّمَا الرُّجُوعُ عِنْدَ تَمَكُّنِ الْخَلَلِ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ، وَيَسْتَوِي إنْ تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ، أَوْ فَقِيرٍ فِي أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهَا. وَمِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مَنْ يَقُولُ: الصَّدَقَةُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْهِبَةُ سَوَاءٌ إنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ الْعِوَضَ - دُونَ الثَّوَابِ -؛ أَلَا تَرَى أَنَّ فِي حَقِّ الْفَقِيرِ جَعَلَ الْهِبَة وَالصَّدَقَة سَوَاء فِي أَنَّ الْمَقْصُودَ الثَّوَابُ، فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْغَنِيِّ: الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ سَوَاءٌ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ، ثُمَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ فَكَذَلِكَ فِي الصَّدَقَةِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: ذِكْرهُ لَفْظ الصَّدَقَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْعِوَضَ، وَمُرَاعَاةُ لَفْظِهِ أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ حَالِ الْمُتَمَلِّكِ. ثُمَّ التَّصَدُّقُ عَلَى الْغَنِيِّ يَكُونُ قُرْبَةً يَسْتَحِقُّ بِهَا الثَّوَابَ فَقَدْ يَكُونُ غَنِيًّا يَمْلِكُ نِصَابًا، وَلَهُ عِيَالٌ كَثِيرَةٌ، وَالنَّاسُ يَتَصَدَّقُونَ عَلَى مِثْلِ هَذَا لِنَيْلِ الثَّوَابِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ عِنْدَ اشْتِبَاهِ الْحَالِ يَتَأَدَّى الْوَاجِبُ مِنْ الزَّكَاةِ بِالتَّصَدُّقِ عَلَيْهِ وَلَا رَهْنَ وَلَا رُجُوعَ فِيهِ - بِالِاتِّفَاقِ - فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ: لَا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ.

قَالَ: (رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِصَدَقَةٍ، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، وَالْمُتَصَدِّق وَارِثُهُ فَوَرَّثَهُ تِلْكَ الصَّدَقَةَ، فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ فِيهَا) بَلَغَنَا فِي الْأَثَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّ رَجُلًا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، ثُمَّ مَاتَ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ فَوَرَّثَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تِلْكَ الصَّدَقَةِ». وَالْحَدِيثُ فِيهِ مَا رُوِيَ «أَنَّ طَلْحَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَصَدَّقَ عَلَى أُمِّهِ بِحَدِيقَةٍ، ثُمَّ مَاتَتْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَبِلَ مِنْك صَدَقَتَك، وَرَدَّ عَلَيْك حَدِيقَتَك». وَفِي الْمَشْهُورِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيِّ إلَّا بِخَمْسَةٍ، وَذَكَرَ مِنْ جُمْلَتِهَا: رَجُلًا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، ثُمَّ مَاتَ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ فَوَرْثَ تِلْكَ الصَّدَقَةَ».

قَالَ: (رَجُلٌ قَالَ فِي صِحَّتِهِ: جَعَلْت غَلَّةَ دَارِي هَذِهِ صَدَقَة لِلْمَسَاكِينِ، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ قَالَ: دَارِي هَذِهِ صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ، ثُمَّ مَاتَ، قَالَ: هِيَ مِيرَاثٌ عَنْهُ)؛ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ لَمْ تَتَّصِلْ بِهَذَا الْقَبْضِ؛ وَلِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ النَّذْرِ، سَوَاءٌ الْتَزَمَ الصَّدَقَةَ بِعَيْنِهَا، أَوْ بِغَلَّتِهَا، وَالْمَنْذُورُ لَا يَزُولُ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 12  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست