responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 12  صفحه : 81
الْمُعْتَبَرُ حَالُ الْمَالِكِ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ عَرَفْنَا أَنَّ مَقْصُودَهُ الْعِوَضُ مَا لَمْ يَنَلْ الْعِوَض كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ.

قَالَ: (رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَثَوْبًا، وَقَبَضَ ذَلِكَ الْمَوْهُوب لَهُ، ثُمَّ عَوَّضَهُ الثَّوْبَ أَوْ الدَّرَاهِمَ مِنْ جَمِيعِ الْهِبَةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِوَضًا؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ وَاحِدَةٌ)، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ عَقْدَ الشَّيْءِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لَا يَكُونُ عِوَضًا وَمُعَوَّضًا، وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودَ الْوَاهِبِ فِي الْهِبَةِ، قَالَ: (وَإِنْ كَانَا فِي عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي مَجْلِسٍ، أَوْ مَجْلِسَيْنِ، فَعَوَّضَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْأُخْرَى: فَهَذَا عِوَضٌ نَأْخُذُ فِيهِ بِالْقِيَاسِ). وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ عِوَضًا لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْوَاهِبَ لَمْ يَقْصِدْ هَذَا؛ فَقَدْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ. فَالْعَقْدُ الْوَاحِدُ وَالْعَقْدَانِ فِي هَذَا الْمَعْنَى سَوَاءٌ. وَجْه ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ اخْتِلَافَ الْعَقْدِ كَاخْتِلَافِ الْعَيْنِ، وَيَسْتَقِيمُ جَعْلُ أَحَدِهِمَا عِوَضًا عَنْ الْآخَرِ شَرْطًا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْعَقْدِ، فَكَذَلِكَ مَقْصُودًا، وَقَدْ يَقْصِدُ الْوَاهِبُ هَذَا بِأَنْ يَهَبَ شَيْئًا، ثُمَّ يَحْتَاجُ إلَيْهِ، فَيَنْدَمَ، فَيَسْتَقْبِحَ الرُّجُوعَ فِيهِ، فَيَهَب مِنْهُ شَيْئًا آخَرَ - عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ الْأَوَّل - فَيَحْصُلَ مِنْهُ مَقْصُودُهُ، وَيَنْدَفِعَ عَنْهُ مَذَمَّةُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ.
أَرَأَيْت لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا صَدَقَةً، وَالْآخَرُ هِبَةٌ فَعَوَّضَهُ الصَّدَقَةَ عَنْ الْهِبَةِ، أَمَا كَانَ ذَلِكَ عِوَضًا،، وَذُكِرَ فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ وَهَبَ نِصْفَ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ، وَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِنِصْفِهَا وَسَلَّمَ الْكُلَّ: لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ زُفَرَ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ السَّبَبِ كَتَفَرُّقِ الْعَقْدِ وَالتَّسْلِيم فَكَأَنَّهُ وَهَبَ النِّصْفَ وَسَلَّمَ، ثُمَّ النِّصْف. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: التَّسْلِيمُ حَصَلَ جُمْلَةً وَاحِدَةً بِعَقْدٍ هُوَ تَبَرُّعٌ كُلُّهُ؛ فَيَجُوزُ كَمَا لَوْ وَهَبَ الْكُلَّ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ: فِي مَقْصُودِ الْعِوَضِ. فَفِي الصَّدَقَةِ، الْمَقْصُودُ: الثَّوَابُ - دُونَ الْعِوَضِ - وَفِي الْهِبَةِ، الْمَقْصُودُ: الْعِوَضُ. فَأَمَّا فِي إخْرَاج الْعَيْنِ عَنْ مِلْكِهِ، وَتَمْلِيكِ الْقَابِضِ بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.

قَالَ: (وَإِنْ وَهَبَ لَهُ حِنْطَةً، فَطَحَنَ بَعْضَهَا، وَعَوَّضَ دَقِيقَ تِلْكَ الْحِنْطَةِ: كَانَ جَائِزًا)؛ لِأَنَّ الدَّقِيقَ حَادِثٌ بِالطَّحْنِ، وَهُوَ غَيْرُ الْحِنْطَةِ، وَلِهَذَا يَكُونُ مَمْلُوكًا لِلْغَاصِبِ، فَكَانَ تَعْوِيضُهُ دَقِيقَ هَذِهِ الْحِنْطَةِ، وَدَقِيق حِنْطَةٍ أُخْرَى سَوَاءً؛ وَلِأَنَّ حَقَّهُ فِي الرُّجُوعِ قَدْ انْقَطَعَ بِالطَّحْنِ، فَتَعْوِيضُهُ إيَّاهُ لَا يَكُونُ رُجُوعًا. فَأَمَّا قَبْلَ الطَّحْنِ: حَقُّ الْوَاهِبِ فِي الرُّجُوعِ ثَابِتٌ، وَالرَّدُّ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، إذَا رَجَعَ فِيهِ الْوَاهِبُ؛ فَيَقَعُ فِعْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُسْتَحَقِّ. وَعَلَى هَذَا: لَوْ وَهَبَ لَهُ ثِيَابًا، فَصَبَغَ مِنْهَا ثَوْبًا بِعُصْفُرٍ، أَوْ خَاطَهُ قَمِيصًا، ثُمَّ عَوَّضَهُ، أَوْ كَانَ وَهَبَ لَهُ سَوِيقًا فَلَتَّ بَعْضُهُ، ثُمَّ عَوَّضَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الرُّجُوعِ قَدْ انْقَطَعَ بِهَذَا الصُّنْعِ، وَالْتَحَقَ هَذَا بِسَائِرِ أَمْوَالِ الْمَوْهُوبِ لَهُ. فَكَمَا أَنَّهُ لَوْ عَوَّضَهُ مَالًا آخَرَ كَانَ ذَلِكَ عِوَضًا

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 12  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست