responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 12  صفحه : 47
وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ مِنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ كَانَ ذَلِكَ مِيرَاثًا عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى)، وَلَكِنْ هَذَا الشَّرْطُ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ يَتَوَسَّعُ فِي أَمْرِ الْوَقْفِ فَلَا يَشْتَرِطُ التَّأْبِيدَ وَاشْتِرَاطُ الْعَوْدِ إلَى الْوَرَثَةِ عِنْدَ زَوَالِ حَاجَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَا يُفَوِّتُ مُوجِبَ الْعَقْدِ عِنْدَهُ.
فَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - التَّأْبِيدُ شَرْطٌ لِلُّزُومِ الْوَقْفِ فِي الْحَيَاةِ فَاشْتِرَاطُ الْعَوْدِ إلَى الْوَرَثَةِ يُعْدِمُ هَذَا الشَّرْطَ فَيَكُونُ مُبْطِلًا لِلْوَقْفِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ وَصِيَّةً مِنْ ثُلُثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ لِمَعْلُومٍ بِسُكْنَى دَارِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ مِنْ ثُلُثِهِ وَيَعُودُ إلَى الْوَرَثَةِ إذَا سَقَطَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ. فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ إذَا سَمَّاهُنَّ، وَإِنْ كَتَبَ أَنَّهُ جَعَلَ لَهُنَّ فِي حَيَاتِهِ وَأَوْصَى لَهُنَّ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِخَدَمِهَا وَمَتَاعِهَا وَحُلِيِّهَا وَثِيَابِهَا وَجَوْهَرِهَا وَسَمَّى مَا جَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِنْ ذَلِكَ وَبَيَّنَ قِيمَتَهُ وَوَزْنَهُ وَأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ لَهَا فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ ذَلِكَ وَدَفَعَهُ إلَيْهَا وَأَوْصَى لَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَا تَجُوزُ فِي الْحَيَاةِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا.
وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُشْكِلُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ يُمَلِّكُهُنَّ الْأَعْيَانَ هُنَا وَالْمَمْلُوكَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ التَّمْلِيكِ فَلَا يَصِحُّ التَّمْلِيكُ مِنْهُنَّ إلَّا بِاعْتِبَارِ حُرِّيَّتِهِنَّ، وَذَلِكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَكُونُ وَصِيَّةً مِنْ الثُّلُثِ، وَفِيمَا سَبَقَ لَا يَمْلِكُ بِالْوَقْفِ أَحَدٌ شَيْئًا، وَلَكِنْ يُخْرِجُ الْعَيْنَ عَنْ مِلْكِهِ فَيَجْعَلُهُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِنَّ لِحَاجَتِهِنَّ إلَى السُّكْنَى، وَذَلِكَ يَتِمُّ مِنْهُ فِي الْحَالِ.
فَإِذَا كَانَ صَحِيحًا حِينَ أَخْرَجَ الْوَقْفَ مِنْ مِلْكِهِ تَمَّ ذَلِكَ مُعْتَبَرًا مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ.
وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَكَذَا يَقُولُ فِيمَا لَا يَعُودُ إلَيْهِ وَإِلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَالٍ بِأَنْ جَعَلَ آخِرَ وَقْفِهِ عَلَى جِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَعُودُ إلَيْهِ وَإِلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَا يَتِمُّ زَوَالُهُ عَنْ مِلْكِهِ فَإِنَّمَا يَبْقَى تَمْلِيكُهُ مِنْهُنَّ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي حَيَاتِهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ بِالسُّكْنَى تُعْتَبَرُ بِالثُّلُثِ مِنْ مَالِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[كِتَابُ الْهِبَةِ]
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الزَّاهِدُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ، وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إمْلَاءً: اعْلَمْ بِأَنَّ الْهِبَةَ عَقْدٌ جَائِزٌ ثَبَتَ جَوَازُهُ بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ. أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86]، وَالْمُرَادُ بِالتَّحِيَّةِ: الْعَطِيَّةُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالتَّحِيَّةِ: السَّلَامُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ: أَوْ رُدُّوهَا يَتَنَاوَلُ رَدَّهَا بِعَيْنِهَا، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 12  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست