responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 12  صفحه : 192
لِأَنَّ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ لَا تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْإِعْلَامُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَبْقَى بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةً فِي التَّسْلِيمِ وَذَلِكَ يُحَصَّلُ بِذِكْرِ الْوَزْنِ كَمَا يُحَصَّلُ بِذِكْرِ الْكَيْلِ وَبِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَتَبَيَّنُ الْجَوَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي مَسْأَلَةِ عِلَّةِ الرِّبَا عَلَى مَنْ عَلَّلَ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْحَفْنَةِ بِالْحَفْنَتَيْنِ أَنَّهُ إنَّمَا جَازَ لِأَنَّ لِلْجَوْدَةِ مِنْ الْحَفْنَةِ فِيمَا عِنْدَ مُقَابَلَتِهَا بِجِنْسِهَا لِأَنَّ سُقُوطَ قِيمَةِ الْجَوْدَةِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الْمَالِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ
وَالْمُمَاثَلَةُ بِالْمِعْيَارِ وَلَا مِعْيَارَ لِلْحَفْنَةِ بِخِلَافِ الْقَفِيزِ فَزِدْ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ مَسْأَلَةَ الْغَصْبِ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ لَا قِيمَةَ لِلْجَوْدَةِ مِنْ الْحَفْنَةِ أَيْضًا حَتَّى إذَا غَصَبَ حَفْنَةً مِنْ حِنْطَةٍ وَذَهَبَتْ جَوْدَتُهَا عِنْدَهُ فَاسْتَرَدَّهَا صَاحِبُهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبُ النُّقْصَانَ لِأَنَّا نَقُولُ لَا قِيمَةَ لِلْجَوْدَةِ مِنْهَا لِأَنَّهَا مَوْزُونَةٌ لَا لِأَنَّهَا مَكِيلَةٌ وَكَمَا أَنَّ اعْتِبَارَ الْكَيْلِ يُسْقِطُ قِيمَةَ الْجَوْدَةِ فَكَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ أَسْقَطَ اعْتِبَارَ الْوَزْنِ فِي الْحِنْطَةِ فِي حُكْمِ الرِّبَا حَيْثُ نَصَّ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ كَيْلًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ كَيْلٌ بِكَيْلٍ» فَلِذَا جَوَّزْنَا بَيْعَ الْحَفْنَةِ بِالْحَفْنَتَيْنِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِلْجَوْدَةِ مِنْ الْحَفْنَةِ قِيمَةً فِي الْغَصْبِ كَمَا جَوَّزْنَا السَّلَمَ فِي الْحِنْطَةِ بِذِكْرِ الْوَزْنِ

قَالَ: (وَلَا خَيْرَ فِي شِرَاءِ التَّمْرِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا أَوْ مُجَازَفَةً عِنْدَنَا) وَقَالَ: الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ شِرَاءُ التَّمْرِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِتَمْرٍ مَجْذُوذٍ عَلَى الْأَرْضِ خَرْصًا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَلَا يَجُوزُ فِيمَا زَادَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَلَهُ فِي مِقْدَارِ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ قَوْلَانِ وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا» وَهِيَ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَرَايَةِ الَّتِي رَخَّصَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قُلْنَا قَوْلَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَإِنَّهُ لَمَّا سُئِلَ مَا عَرَايَاكُمْ هَذِهِ قَالَ: إنَّ الرُّطَبَ لَيَأْتِينَا وَلَمْ يَكُنْ فِي أَيْدِينَا بَعْدُ مَا نَبْتَاعُهُ بِهِ وَعِنْدَنَا فَضَالَاتٌ مِنْ التَّمْرِ فَرَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَبْتَاعَ بِخَرْصِهَا تَمْرًا فَنَأْكُلُ مَعَ الْيَابِسِ الرُّطَبَ وَلِأَنَّ مَا عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْكَيْلُ فَأَقَامَ الشَّرْعُ الْخَرْصَ فِيهَا مَقَامَ الْكَيْلِ لِلْحَاجَةِ تَيْسِيرًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا مَوْضُوعَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ وَهَذِهِ الْحَاجَةُ فِي الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ وَالتَّفَاوُتُ مَعَ الْخَرْصِ يَنْعَدِمُ أَوْ يَقِلُّ فِي الْقَلِيلِ وَيَكْثُرُ فِي الْكَثِيرِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّفَاوُتِ الْكَثِيرِ وَالْيَسِيرِ فِي التَّبَرُّعِ أَصْلٌ حَتَّى إنَّ الزِّيَادَةَ تَدْخُلُ فِي الْكَيْلَيْنِ يُجْعَلُ عَفْوًا بِخِلَافِ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ كَيْلٌ بِكَيْلِ» وَمَا عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ تَمْرٌ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالتَّمْرِ إلَّا كَيْلًا بِكَيْلٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ عَامٌّ مُتَّفَقٌ عَلَى قَبُولِهِ فَيَتَرَجَّحُ عَلَى الْخَاصِّ الْمُخْتَلَفِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 12  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست