responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 12  صفحه : 112
مَشَى إلَيْهِ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ: إلَى مَتَى تُؤْكِلَ النَّاسَ الرِّبَا أَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يُصْحَبْ؟ أَسَمِعْتَ مِنْهُ مَا لَمْ يُسْمَعْ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنْ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا رِبَا إلَّا فِي النَّسِيئَةِ.» فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَوَانِي وَإِيَّاكَ ظِلُّ بَيْتٍ مَا دُمْتَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: مَا خَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ الدُّنْيَا حَتَّى رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ فِي الصَّرْفِ وَالْمُتْعَةِ. فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ رُجُوعُهُ، فَإِجْمَاعُ التَّابِعِينَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - بَعْدَهُ يَرْفَعُ قَوْلَهُ. فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِنَا: لَا يُعْتَدُّ بِهَذَا الْقَوْلِ. وَتَأْوِيلُ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُئِلَ عَنْ مُبَادَلَةِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ وَالذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا رِبَا إلَّا فِي النَّسِيئَةِ.» فَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ السُّؤَالِ فَكَأَنَّ الرَّاوِيَ سَمِعَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَمْ يَسْمَعْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ السُّؤَالِ أَوْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِنَقْلِهِ. وَأَمَّا الْمَعْنَى فَنَقُولُ اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - عَلَى أَنَّ حُكْمَ الرِّبَا غَيْرُ مَقْصُودٍ عَلَى الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ، وَإِنَّ فِيهَا مَعْنًى يَتَعَدَّى الْحُكْمَ بِذَلِكَ الْمَعْنَى إلَى غَيْرِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ، إلَّا دَاوُد مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيَّ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ. فَإِنَّ دَاوُد يَقُولُ: حُكْمُ الرِّبَا مَقْصُورٌ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ قِيَاسُ غَيْرِ الْمَنْصُوصِ عَلَى الْمَنْصُوصِ لِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ، وَعِنْدَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: الْقِيَاسُ حُجَّةٌ لِتَعْدِيَةِ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ وَالْبَتِّيُّ يَقُولُ: بِأَنَّ الْقِيَاسَ حُجَّةٌ وَلَكِنْ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يُجَوِّزُ الْقِيَاسُ عَلَى الْأُصُولِ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ فِي كُلِّ أَصْلٍ عَلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقُمْ ذَلِكَ الدَّلِيلُ هُنَا.
وَعِنْدَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يَجُوزُ الْقِيَاسُ عَلَى الْأُصُولِ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ يَمْنَعُ الْقِيَاسَ عَلَى كُلِّ أَصْلٍ، ثُمَّ قَدْ قَامَ الدَّلِيلُ هُنَا عَلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ، فَإِنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَإِسْحَاقَ بْنَ إبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ رَوَيَا هَذَا الْحَدِيثَ وَذُكِرَ فِي آخِرِهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ فَهُوَ تَنْصِيصٌ عَلَى تَعْدِيَةِ الْحُكْمِ إلَى سَائِرِ الْأَمْوَالِ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَبِيعُوا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ، وَلَا الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ؛ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ الرِّبَا». أَيْ الرِّبَا وَلَمْ يُرِدْ بِهِ عَيْنَ الصَّاعِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ: مَا يَدْخُلُ تَحْتَ الصَّاعِ كَمَا يُقَالُ خُذْ هَذَا الصَّاعَ أَيْ: مَا فِيهِ وَوَهَبْتُ لِفُلَانٍ صَاعًا أَيْ: مِنْ الطَّعَامِ. وَفِي حَدِيثِ «عَامِلِ خَيْبَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ أَهْدَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَمْرًا جَنِيًّا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَوَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنِّي دَفَعْتُ صَاعَيْنِ مِنْ عَجْوَةٍ بِصَاعٍ مِنْ هَذَا. فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَرْبَيْتَ. هَلَّا بِعْتَ تَمْرَك

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 12  صفحه : 112
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست