responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 12  صفحه : 100
وَقِيلَ: قَوْلُهُ: كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، أَمَّا مُحَمَّدٌ يَقُولُ: مِلْكُ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَمْ يَزُلْ عَنْ عَيْنِهَا، وَالذَّبْحُ نُقْصَانٌ فِيهَا؛ فَلَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِيمَا بَقِيَ، كَالشَّاةِ لِلْقَصَّابِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ مَعْنَى الْقِرْبَةِ فِي نِيَّتِهِ وَفِعْلِهِ دُونَ الْعَيْنِ، وَالْمَوْجُودُ فِي الْعَيْنِ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى نِيَّة اللَّحْمِ، أَوْ نِيَّةِ الْقِرْبَةِ. وَاَلَّذِي حَدَثَ فِي الْعَيْنِ أَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حُكْمُ الشَّرْعِ مِنْ حَيْثُ التَّصَدُّقِ بِهِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ كَرُجُوعِ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ الْمَوْهُوبِ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ هُنَا لَيْسَ بِمُتَحَتِّمِ، حَتَّى يَكُونَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ وَيُطْعِمَ مَنْ شَاءَ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ - بِخِلَافِ الزَّكَاةِ - وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ فِي التَّضْحِيَةِ: جَعَلَهَا اللَّهُ - تَعَالَى - خَالِصًا، وَقَدْ تَمَّ ذَلِكَ، فَلَا يَرْجِعُ الْوَاهِبُ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَرْضًا فَجَعَلَهَا مَسْجِدًا. وَبَيَانُ قَوْلِنَا: أَنَّ فِي التَّقَرُّبِ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ، وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ الْمَذْبُوح، أَوْ هَلَكَ: كَانَ مُجْزِئًا عَنْهُ، وَإِبَاحَة التَّنَاوُلِ مِنْهُ بِإِذْنِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ بِقَوْلِهِ: تَعَالَيَا أَفْطِرَا مِنْهَا.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوز لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَهُوَ بِطَرِيقِ التِّجَارَةِ وَيَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ فَعَلَهُ كَانَ ضَامِنًا، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ تَمَّ مَعْنَى التَّقَرُّبِ بِهِ، فَيَكُون نَظِير هَذَا مِنْ الزَّكَاةِ: مَا إذَا أَدَّاهُ إلَى الْفَقِيرِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ، وَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَهَذَا الْفِعْلُ فِي صُورَةِ ذَبْحِ شَاةِ الْقَصَّابِ وَلَكِنْ فِي الْمَعْنَى وَالْحُكْمِ غَيْرُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ الصُّوَرُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الذَّبْحَ يَتَحَقَّقُ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَالْمَجُوسِيِّ، وَالتَّضْحِيَةُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ فِي الْمَعْنَى غَيْر الذَّبْحِ. ثُمَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ: بِرُجُوعِ الْوَاهِبِ لَا تَبْطُلُ التَّضْحِيَةُ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ فِي الْقَائِمِ دُونَ مَا يُلَاشَى مِنْهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الرُّجُوعَ يُنْهِي مِلْكَ الْمَوْهُوبِ لَهُ؛ فَإِنَّمَا انْعَدَمَ مِلْكِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَهُوَ فِي حَقِّ نَظِير مَا لَوْ هَلَكَ بَعْدَ الذَّبْحِ.

قَالَ: رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ دِرْهَمًا، فَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَجَعَلَهُ صَدَقَةً لِلَّهِ تَعَالَى: فَلِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ فِيهِ الصَّدَقَةَ بِنَذْرِهِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ أَقْوَى مِنْ وُجُوبِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ فِيهِ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ الزَّكَاةُ؛ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الرُّجُوعِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ قَبْضَ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لَا يُتِمُّ مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَالتَّقَرُّبِ فِيهِ، (وَكَذَلِكَ) لَوْ وَهَبَ لَهُ نَاقَةً، فَجَعَلَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بَدَنَة، وَقَلَّدَهَا: فَلِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ. وَفَرَّقَ أَبُو يُوسُفَ بَيْنَ هَذَا وَالْأَوَّلِ فَقَالَ: بِالتَّقْلِيدِ رَأَيْتُمْ، جَعَلَهَا لِلَّهِ - تَعَالَى - أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَلَّدَهَا عَنْ هَدْيٍ وَاجِبٍ، فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَهَا: فَإِنَّهُ عَلَيْهِ أُخْرَى - بِخِلَافِ مَا بَعْدَ النَّحْرِ - وَإِنْ وَهَبَ لَهُ أَجْزَاعًا، فَكَسَرَهَا، وَجَعَلَهَا حَطَبًا: فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذَا نُقْصَانٌ فِي الْعَيْنِ - وَإِنْ كَانَ يَزِيدُ فِي الْمَالِيَّةِ، فَذَلِكَ بِزِيَادَةِ رَغَائِبِ النَّاسِ فِيهِ لَا لِمَعْنًى فِي الْعَيْنِ - فَلِهَذَا كَانَ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 12  صفحه : 100
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست