responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 86
الثَّوْبَ لَيْسَ بِمَالِ الرِّبَا، وَتَضْمِينُ النُّقْصَانِ فِي مِثْلِهِ مَعَ أَخْذِ الْعَيْنِ جَائِزٌ شَرْعًا، وَكَذَلِكَ إذَا نَقَصَهُ الصَّبْغُ الْأَسْوَدُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَيُضَمِّنَهُ مَا نَقَصَهُ؛ لِأَنَّ الصَّبْغَ الْأَسْوَدَ فِي مِثْلِهِ نُقْصَانٌ فَاحِشٌ، وَهُوَ كَالِاسْتِهْلَاكِ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ قَبْلَهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ إحْدَاثِ أَيِّ لَوْنٍ شَاءَ فِيهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِذَلِكَ، وَالصَّبْغُ الْأَسْوَدُ مِنْ الثَّوْبِ لَا يُمْكِنُ قَلْعُهُ عَادَةً، وَبِهِ يُفَرِّقُ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْأَلْوَانِ.

وَلَوْ اغْتَصَبَ ثَوْبًا فَخَرَقَهُ، فَإِنْ كَانَ خَرْقًا صَغِيرًا ضَمَّنَ الْغَاصِبَ النُّقْصَانَ فَقَطْ، وَأَخَذَ صَاحِبُ الثَّوْبِ ثَوْبَهُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ قَائِمٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَبِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْخَرْقِ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِمَا كَانَ صَالِحًا قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا يَتَمَكَّنُ فِي قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ فَيَضْمَنُ ذَلِكَ النُّقْصَانَ، وَإِنْ كَانَ الْخَرْقُ كَبِيرًا، وَقَدْ أَفْسَدَ الثَّوْبَ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ ثَوْبِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلَكٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ بَعْدَ هَذَا الْخَرْقِ لِجَمِيعِ مَا كَانَ صَالِحًا قَبْلَهُ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ لِكَوْنِهِ قَائِمًا حَقِيقَةً، وَضَمَّنَهُ مَا نَقَصَهُ فِعْلُ الْغَاصِبِ.
(وَأَمَّا) الدَّابَّةُ إذَا غَصَبَهَا فَقَطَعَ يَدَهَا أَوْ رِجْلَهَا فَلِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً فَيَقْطَعُ مِنْهُ يَدًا أَوْ رِجْلًا فَهُنَاكَ يَأْخُذُهُ مَعَ أَرْشِ الْمَقْطُوعِ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ بِقَطْعِ طَرَفٍ مِنْهُ لَا يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا لِبَقَائِهِ صَالِحًا لِعَامَّةِ مَا كَانَ صَالِحًا لَهُ مِنْ قَبْلُ. وَالدَّابَّةُ تَصِيرُ مُسْتَهْلَكَةً بِقَطْعِ طَرَفٍ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا بِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ بَعْدَ هَذَا الْقَطْعِ؛ فَلِهَذَا كَانَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَتْرُكَهَا لِلْغَاصِبِ وَيُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ بَقَرَةً أَوْ جَزُورًا فَقَطَعَ يَدَهَا أَوْ رِجْلَهَا أَوْ كَانَتْ شَاةً فَذَبَحَهَا؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ اسْتِهْلَاكٌ مِنْ وَجْهٍ، فَإِنَّهُ يَفُوتُ بِهِ بَعْضُ مَا كَانَ مَقْصُودًا مِنْ النَّسْلِ وَاللَّبَنِ فَلِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَذْبُوحَ مَسْلُوخًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَسْلُوخٍ، وَضَمَّنَ الْغَاصِبَ النُّقْصَانَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ وَالسَّلْخَ فِي الشَّاةِ زِيَادَةٌ؛ وَلِهَذَا يَلْتَزِمُ بِمُقَابَلَتِهِ الْعِوَضَ، وَلَكِنْ مَا ذَكَرَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ مِنْ حَيْثُ التَّقَرُّبِ إلَى الِانْتِفَاعِ بِاللَّحْمِ، وَلَكِنَّهُ نُقْصَانٌ بِتَفْوِيتِ سَائِرِ الْأَغْرَاضِ مِنْ الْحَيَوَانِ، وَلِأَجْلِهِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فَكَانَ هَذَا وَالْقَطْعُ فِي الثَّوْبِ سَوَاءٌ يُضَمِّنُهُ النُّقْصَانَ إنْ شَاءَ.
(وَإِذَا) طَحَنَ الْغَاصِبُ الْحِنْطَةَ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا، وَالدَّقِيقُ لَهُ عِنْدَنَا. وَسِوَى هَذَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ:
(إحْدَاهُمَا) أَنَّ حَقَّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَا يَنْقَطِعُ عَنْ الدَّقِيقِ لَا عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ، وَلَكِنْ يُبَاعُ فَيَشْتَرِي لَهُ بِهِ حِنْطَةً مِثْلَ حِنْطَتِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْغَاصِبُ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُهُ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست